حملات اعلامية مضادة.. عندما يتوقف مزراب الذهب

15 سبتمبر 2023
حملات اعلامية مضادة.. عندما يتوقف مزراب الذهب


 
لا تنحصر الملفات التي يمكن التطرق اليها عند الحديث عن قضية النزوح السوري الى لبنان.. مشاكل بالجملة وخناق اقتصادي وامني واجتماعي يُحاصر به لبنان من كافة النواحي، وكأنها لعنة كلما زاد البحث في ايجاد مخارج لها، كلما تغرست عميقا في الارض عوامل عدة تعقّد القضية.

Advertisement

 
تنقل مصادر مطلعة على نشاط الجمعيات العاملة على مستوى تقديم المساعدات للنازحين السوريين، انّ هذه الجمعيات ستسعى جاهدة كي لا يتوقف عنها “مزراب الذهب” الذي كانت تحصل عليه بسبب التشبيك مع الجهات المانحة لتمويل مشاريعهم. وهنا يجب التوقف اولا، عند انواع تلك الجمعيات للتفريق بين نشاطها وجهات تمويلها. فهناك الجمعيات المنضوية تحت عمل الامم المتحدة او مفوضية شؤون اللاجئين كمؤسسة قائمة بحد ذاتها من جهة، وجمعيات بالعشرات إن لم نقل المئات المنتشرة بكثافة بين المناطق وتغطي مصاريفها وتمويل نشاطاتها عن طريق سفارات دول معينة او جهات مانحة مرتبطة بمؤسسات دولية، ومنها جمعيات محلية تعنى باكثر من نشاط ولكنها كثفت عملها على صعيد النازحين، او تلك الجمعيات التي تأسست فقط من اجل متابعة قضية النزوح من جهة ثانية.
 
اوامر خارجيةوبالتالي نحن امام المئات من الجمعيات، وبحسب تلك المصادر فانّ عددها زاد في السنوات الخمس الاخيرة عن 150 جمعية. وتنقل المصادر التي تعمل عن طريق احدى البلديات في المناطق الجنوبية مع مجموعة من تلك الجمعيات في المنطقة انّ غالبية تلك الجمعيات “العشوائية” وإن كانت تحظى بعلم وخبر من الدولة، “الا انّها تعمل بتوجيهات دولية وأجندات معينة، وبالتالي فانّها تخضع لأوامر خارجية، وعليها الكثير من علامات الاستفهام، وتقوم بسلاسة بالتنقل بين المناطق والبلديات وتنفذ المشاريع ويتم التعاون معها حتما بسبب الفائدة المادية التي تعود علينا، فلكل منطقة او مشروع او بلدية حصة لنا منها، في مقابل الخدمات التي نقدمها بدورنا”.
 
حملات مضادةوبحسب المصادر: “اليوم وبما انّ الحكومة جدية جدا في قرارتها بخصوص النزوح، ولعلها المرة الاولى التي نلمس جدية على الارض من تعاطي حكومي مع هذا الملف منذ بداية الحرب السورية والنزوح الى لبنان، لذلك نتوقع ان يكون هناك حملات اعلامية مضادة ستبدأ الجمعيات بالعمل عليها لمنع استكمال العودة او عرقلتها وذلك تحت عدة اعتبارات وعوامل ستستخدمها اعلاميا للضغط”.
وعن تلك العناوين تقول المصادر: “العامل الاول الذي ستبني عليه تلك الجمعيات للمحاربة من اجل استكمال عملها هو وجود سياسيين ومنصات اعلامية داعمة للوجود السوري في لبنان، وتعزز فكرة الخطر الامني على المواطن السوري النازح من العودة الى بلدهم، وخصوصا هؤلاء المعارضين للنظام السوري، وتشييع فكرة انّ اولى لحظات وصولهم الى سوريا ستكون نهايتهم”.
 
حرب اوكرانياامّا العامل الثاني الذي تستغله تلك الجمعيات بحسب المصادر فهو: “بعد الحرب على اوكرانيا، لم تعد اوروبا تستطيع استيعاب النازحين كما في السابق، في ظل تزايد حالات النزوح، وهذا يعني انّ السوري سيسعى الى البقاء في لبنان مدة اطول ريثما تتحسن الاجواء دوليا”. وتفيد احصائيات الامم المتحدة انّ اكثر من 25% من النازحين السوريين في لبنان قدموا طلبات للهجرة إلى اوروبا، ولكنها غالبا قوبلت بالرفض بسبب الحرب الروسية – الاوكرانية.
والعامل الثالث بحسب المصادر: “حتى الذين يغادرون لبنان منذ بداية حملة العودة الآمنة للسوريين فانهم يعودون الى لبنان عبر عصابات التهريب، حيث تستغل الجمعيات هذه المسألة لتبيان الخطر الكبير الذي شعر به المواطن السوري في بلده ما حتّم عليه العودة الى لبنان”.
 
تحريضوبالتالي فانّ استمرار حملات التحريض ضد العودة مستمرة، مع ما يترافق من تحذير مستمر، تزامنا مع استدامة مصلحة النازح السوري في البقاء في لبنان مع توفير معاشات شهرية وبطاقات تمويلية وتموينية تفوق المعدل الشهري لعائلة لبنانية باشواط.
وتتساءل المصادر ايضا عن امكانية الوزارات المعنية والحكومة من ضبط عمل هذه الجمعيات وخصوصا انها تعمل احيانا باسماء وهمية، ويعطي مثالا انّه في احدى القرى الجنوبية استفادت جمعية معنية بمرضى اطفال السرطان في لبنان من ملف النزوح وحصلت على تمويل من الدنمارك بمبالغ كبيرة لدعم النازحين.
 
ميزانية
وفي هذا الاطار، نتحدث عن مبالغ خيالية احيانا في التمويل الذي تحصل عليه بعض الجمعيات، وهو ما يصعب الوصول اليه لمعرفة الارقام الدقيقة. هذا على مستوى الجمعيات غير المنظمة والتي يوضع على اسمائها الكثير من علامات الاستفهام.
في المقابل، يبدو عمل مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين أكثر شفافية حتما، حيث تعلن المفوضية عن الميزانية التي تحصل عليها، ففي العام المنصرم بلغت الميزانية السنوية للأمم المتحدة المخصصة للاجئين السوريين في لبنان 534 مليون دولار أميركي تتوزع على الشكل التالي: 442 مليون دولار دفعات نقدية وعينية، رعاية صحية، تحسين ملاجئ ومساكن، ومشتريات ولوجستيات ). تشمل الميزانية أيضاً 48 مليون دولار لتطوير ودعم برامج معنية بتحفيز مشاركة اللاجئين في المجتمع وتمكين المرأة، حق التعليم، حماية الطفل ومنع العنف القائم على النوع الاجتماعي والتصدي له. كما تنفق الأمم المتحدة 41 مليون دولار على ثلاثة بنود وهي التسجيل والتوثيق، تحديد وضع اللاجئ والتنسيق والاستجابة للطوارئ. أما القسم الاخير من الميزانية والذي يبلغ 3 مليون دولار، فهو مخصص لإعادة التوطين.
 
فهل يمكن للجمعيات أن تساعد في عودة النازحين؟