كتبت صونيا رزق في” الديار”:
يبدو النزوح السوري الثاني حديث الساعة، بسبب الاعداد الوافرة التي تدخل لبنان يومياً عبر المعابر غير الشرعية، اذ لطالما كانت قرى الحدود اللبنانية – السورية متعايشة مع الفلتان الأمني المسيطر تحت وطأة السلاح والفوضى، والمربّعات والجزر الأمنية وإنتشار” المافيات”، وهروب الخارجين عن القانون، لتصبح تلك البلدات الحدودية المتداخلة بمثابة مأوى لهم.
في الواقع، فإنّ النازحين يتخفون هرباً من الملاحقة، وأبرز تلك القرى هي ريف القصير، حيث يقطن لبنانيون هاربون بعيداً عن أنظار القوى الأمنية التي تلاحقهم، فيما هم يشعرون بالأمان المترافق مع غطاء سياسي من قبل بعض الفاعلين، ما يتطلب تنسيقاً بين الدولتين اللبنانية والسورية لتسليم المطلوبين، وفق ما قال وزير سابق تولّى حقيبة سيادية لـ ” الديار” متحفّظاً عن كشف الخفايا، متحدثاً عن وجود 11 بلدة ضمن الداخل السوري الحدودي، يسكنها لبنانيون يحمل بعضهم الجنسيتين اللبنانية والسورية، ومعظمهم يشارك في الانتخابات النيابية، وتأتي بلدة زيتا من ضمن تلك المعاقل التي يسكنها مطلوبون لبنانيون، قاموا بعمليات خطف مقابل فدية مالية.
ويلفت الوزير السابق الى مدى تداخل الأراضي الحدودية بين البلدين، وعلى سبيل المثال لا الحصر، قرية الحوش السورية ويملك لبنانيون نصف أراضيها، كذلك الصفصافة والحمام ومطربا والحويك وغيرها من المناطق.
ينشط النزوح غير الشرعي الى لبنان، ومنذ فترة برز بقوة حتى وصلت اعداد النازحين اليومية الى المئات، ليتفاقم عددهم ويتخطى المليونين واكثر عبر المزيد من المعابر غير الشرعية، مع تسعيرة دخول “حرزانة ” ما بين 100 و150 دولارا، لان تلك المعابر مفتوحة على “مدّ عينك والنظر”، خصوصاً في البقاع الشمالي، والنتيجة بقاء الملف ضمن دائرة الافق المسدود، لانه لم يعرف طريقه في اي مرة الى المعالجة الجذرية، فلا ضوابط له بل فوضى عارمة.
فعلياً، القضية أصبحت منفعة للنازحين لانهم يحصلون على مساعدات مادية وعينية، وهذه التقديمات لم ولن تشجّعهم على العودة الى بلادهم، لا بل تحفزّهم على البقاء حيث هم، ومَن يعود منهم الى بلاده يعاود الدخول خلسة، مقابل المبلغ المذكور عن كل شخص، واحياناً اكثر يُدفع للمهرّبين المتحكمين بالمعابر الناشطة ومنها معبر فليطا – عرسال، حيث يتقاضى المهرّبون مقابل كل عملية دخول عن كل شخص اقله 100 دولار، كما يشهد معبر جبال الصويري غير الشرعي، والمحاذي لمعبر المصنع في البقاع الغربي حركة مشابهة، والنتيجة حدود مفتوحة على شتى الاحتمالات، يتغلغل فيها مهرّبو البشر الذي يزداد عددهم، وترتفع بورصة تسعيرتهم بحسب حاجة العابرين، فيما تبقى الدولة غائبة معظم الاحيان عن منع هؤلاء من القيام بهذه المتاجرة المرفوضة.