كتب الوزير السابق جوزيف الهاشم في “الجمهورية”:
وهل كلّما استحقَّ عندنا استحقاق رئاسي أو حكومي أو تشريعي، يحـلّ الحوار محلّ المغفور لـه الدستور، لنقول بلسان الإمام علي بن أبي طالب لمعاوية: “دعَـوْتنا إلى حكم الكتاب “القرآن” ولستَ من أهله”..؟
وهل سيكون الحوار حول شخص رئيس الجمهورية..؟ وماذا عن الجمهورية والنظام والدستور وهويّـة لبنان الحضاري ومستقبل لبنان التعدّدي والصيغة النموذجية والزحف السوري والمخيمات المدجّجة، والعيش الأليف المشترك…؟ألـمْ تكن هناك لقاءات وحوارات وطاولات طالما تحوّلت إلى نـوع من صراع الديوك، فإذا الحوار يتحول إلى شظايا، وإذا العيش المشترك أو التعايش المشترك يترنّح على طواحين الهواء والأهواء…؟
نذْكـرُ، أنّ الشيخ بهيج تقي الدين اعترض يوماً على كلمة تعايش مشترك مفضّلاً العيش المشترك لأنّ فعْـل “تفاعلَ”، أيْ تعايش يعني المشاركة بين متفرّقيَنْ، واللبنانيون عائلة واحدة شديدةُ الأواصر وملتحمة العناصر…
ولكن لو يعلم الشيخ بهيج أنّ كلمة تعايش مشترك تحوَّلت إلى تقاتل مشترك وكلمة العيش المشترك تحوّلت إلى مـوت مشترك بعد وفاته ، لكان مات حيث هو مـرّة ثانية.هكذا أصبح لبنان، بلـد التعايش والتناقض معاً، وعليه أن يتعايش مع كلِّ تناقضاته، وتتعايش فيه كل تناقضات الآخرين، وبما يتناقض معه كياناً وجوهراً ومصيراً، في وطـنٍ أصبح فيه لكلّ أمّـةٍ شبهُ وطـن، وشبـهُ دولة، وشبهُ حكومة، وشبه رعايا، وكلُّ مَـنْ في الخارج يحاول أنْ يستأثر بالداخل ويستفرد برأس العرش.نعم… ألسنا نحن المسؤولين عن مشاكلنا ومصائبنا والكوارث الفواجع..؟
إنّـهُ السؤال المتأخرّ الذي طرحه حكام روما على أنفسهم بعدما سقطت الأمبراطورية الرومانية في أيدي البربر.