رعى وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى ندوة “تدنيس المقدسات وتكريس المواجهات”، التي أقامتها المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان، في قاعة المكتبة الوطنية. وتخللها افتتاح المعرض الفني الكاريكاتوري بعنوان “صراع النار والنور”.
وفي السياق، قال المرتضى: “بتدنيس المقدسات لا أرى ديانة واحدة في خانة الضحية، بل أرى الله عز وجل، وقد تعرض لمحاولة المساس به على أيدي زمر شيطانية. المسيحية والإسلام تتعرضان في زمن هذه الحضارة المتفلتة من عقالها إلى تمرد الغريزة على العقل، والكفر على الإيمان. ولذلك، فإن تدنيس القرآن الكريم، كما الإنجيل المقدس، يعدان إهانة للابتهال الصادق واستفزازا للتعليم القويم. ولذلك أيضا يجب ان نستمر في الدفاع عن حرية المعتقد والتعبير في مناخ من الانفتاح، متيقنين أن الله واحد أحد، وأننا كل من الشاطئ الذي يقف عنده يتطلع الى الشفق والشفق واحد وإن تعددت سبل النظر إليه والتأمل فيه”.وأضاف: “في مواجهة التدنيس لا خيار لدينا سوى نشرِ قيم التشابه، تشابهنا في طبيعة إيماننا وفي جوامعه المشتركة، متيقنين أن العبث بالمقدسات التي يقوم بها أفراد وجماعات ليس بريئا وأن وراء الأكمة مسحاء دجالون وانبياء كذبة يعملون بحسب أجندة من غرفٍ شديدة السواد يديرها المشروع الصهيوني بهدف إشعال حروب العقيدة وتفجير الله من داخل الديانات السماوية”.
وتابع: “شهدنا في السنوات الماضية، وما زلنا نشهد، على نموذجين من نماذج السلوك الاإنساني، نموذج آكلي الأكباد وقاتلي المصلين في المساجد والكنائس، وحارقي الكتب المقدسة ونموذج حماة المعابد الذين دخلوا الحرب على التكفير محررين راهبات معلولا ومرممين تماثيل العذراء البتول مريم. ونحن متيقنون أن النموذج الأخير سيهزم النموذج الأول الذي يريد اغتيال كل ما هو راق وجميل في الأديان ألا هو نعمة لقاء الآخر والاتحاد معه بالشعور الانساني”.
واعتبر ان “المواجهة تبدأ بمحاربة كل أنواع التمييز القائمة على الجنس واللون والعرق والجنسية والدين بقوة وصلابة وارادة لا تلين وهذه أحد عناوين معركة الثقافة قبل أي معركة أخرى، فتدنيس المقدسات إثم ثقافي قبل أن يكون جريمة في القانون، والمطلوب تنظيف الداخل قبل تنظيف الخارج. وعلينا جميعا أن نأخذ في الاعتبار أنه لا يمكن خوض غمار هذه المواجهة مع الشر برصف الكلمات ولا بالخطب الرنانة على أهميتها، فالشعارات مثل المفرقعات النارية تضيء لفترة وجيزة قبل ان تختفي في ظلام الليل، علينا سلاح الموقف وقد اتخذناه عندما قاطعنا التعاون الثقافي مع الدول التي افسحت بالاساءة، وها أنتم اليوم تواجهون بالردّ الثقافي ردا فعالا وبهيا في آن”.
وقال: “أيها الأحبة، علينا الذهاب الى ما يشبه السلاح الأبيض، الى الالتحام مع أعداء الانسانية بتغيير قواعد اللعبة والاشتباك. التربية والتعليم والتلقين والتوظيف الثقافي هما الأسلحة المناسبة. الدخول الى العقول والنفوس والأخلاقيات والقيم المجتمعية، خلق مواطن جديد ومواطنية جديدة وتثبيت نظام مناعة مجتمعية مناسبة وبحجم الحرب المُعلَنَة ضد مجتمعاتنا وتراثنا وتقاليدنا”.
وأردف: “على الجميع الركون الى الحوار من أجل تفادي الفراغ القاتل في بلدنا، فلماذا يمعنون في رفض دعوة الرئيس نبيه بري الصادقة الى الحوار غير المشروط؟ ليس ثمة عاقل أو مخلص يمكنه أن يدير ظهره أو يصم أذنيه عن هكذا دعوة، وهو يرى البلد وصل الى ما لا تحمد عقباه، اللهم الا اذا كان البعض قد اتخذوا قرارهم في الامعان في تنفيذ المشروع الشيطاني الرامي الى منع تلاقي اللبنانيين والحيلولة دون خروجهم من ازماتهم”.
وفي الختام، قال: “نسألك اللهم أن تلهمنا أن نعمل ما تحبه وترضاه، وفيه خلاص لوطننا وصون لقيمنا، ومن ذلك أن نحفظ بعضنا بعضا كلبنانيين لنحفظ بالنتيجة من خلال ذلك صيغتنا اللبنانية الفريدة التي تمثل رسالة بهية للإنسانية جمعاء”.