تشي الانطباعات العامة التي يلتقطها المراقبون لحوارات “التيار الوطني الحر” مع “حزب الله”،بأن الأمور لا تسير على ما يرام. ليس هناك من تسريبات تذكر قد تشكل مصدرا يمكن الاستناد إليه ورغم قلة هذه التسريبات، فإن النذر اليسير الذي ينقل هو أكثر ميلا للتشاؤم منه الى التفاؤل. كما أن الرسائل تقرأ من عناوينها، هذا ما يؤكده مصدر بارز ل “لبنان 24″، إذ إن عنوان الحوار الأساسي بين “الحزب والتيار” والذي منه تنطلق الحوارات الأخرى إنما هو الملف الرئاسي، ولغاية اللحظة لم يفض الحوار حول هذا الملف الى إعلان رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل اقتناعه برئيس “تيار المرده” سليمان فرنجية ولا إلى إعلان”حزب الله” تخليه عن فرنجية واستعداده للبحث عن اسم بديل.
ما يزيد المشهد تعقيدا للطرفين على حد سواء هو التحرك المستجد للطرف القطري على أنقاض المبادرة الفرنسية التي كانت تنطوي على إحتمال وصول “بك بنشعي” إلى قصر بعبدا، بينما يتحرك القطريون بموقف واضح وصريح يتبنى قائد الجيش العماد جوزاف عون وإن أقرنه مع أسماء أخرى وفقا لما يقتضيه دور الوسيط لإبعاد تهمة الانحياز عنه.إن المبادرة القطرية تعني أن الجهود الدولية بدأت في تجاوز موقف الطرفين وحصرهما في زاوية محرجة، عنوانها افتقاد المبرر للثبات في المربع الاول وعدم فتح الابواب امام الخيارات البديلة بغية إطلاق مسار التعافي السياسي والاقتصادي، يقول المصدر نفسه.ثمة سؤال تطرحه هذه التطورات عن مصير الحوار حول اللامركزية الادارية الموسعة بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”. في الأصل، فإن “التيار” على لسان رئيسه هو الذي ربط بين الاستحقاق الرئاسي وملفي اللامركزية والصندوق الائتماني، ثم أهمل التركيز على الصندوق الائتماني لمصلحة إقرار قانون اللامركزية الموسعة الادارية والمالية.وهنا يسأل المصدر نفسه، إذا كان الحوار بين الطرفين في الملف الرئاسي لغاية اللحظة قد وصل الى لا شيء، فهل يبقى من معنى للمضي في الحوار حول اللامركزية الادارية والمالية؟ واذا استمر هذا الحوار حول هذا البند، فما هي الحوافز التي تدفع إلى التفاهم حول هذا الملف وإلى استجابة حزب الله لمطالب “التيار” في ظل فشل الحزب في انتزاع موافقة باسيل على ترشيح فرنجية؟ واذا كان الفصل بين ملف اللامركزية والملف الرئاسي بات أمرا واقعا، فما هي المبررات التي تجعل منه أولوية في ظل طغيان الأزمة المالية والاقتصادية والولوج في البحث عن حلول لها وإقرار التشريعات المرتبطة بها، بالإضافة إلى المشاكل الأخرى في قطاعات عدة لا سيما في قطاعي الصحة والتعليم؟مع المبادرة القطرية شاء الطرفان أم لا، فإنهما أمام مرحلة جديدة بمعطيات جديدة تفرض عليهما التفاهم لتقليل الخسائر أو إعادة تكرار اللعبة ذاتها التي لا تفضي إلا إلى إطالة أمد الفراغ.