هذا ما يريده وما لا يريده باسيل

27 سبتمبر 2023
هذا ما يريده وما لا يريده باسيل


كلام أكثر من جدّي وأكثر من صريح يجب أن يُقال. وما يجب ان يُقال لا يخلو من أسئلة لم تجد أجوبة شافية لها. وهذه الأسئلة بدأت تتداخل ببعضها البعض لكثرتها ولغموض الأجوبة عليها. ومن بين ما يجب أن يُقال أيًّا تكن النتائج، وبين الأسئلة الكثيرة والمتزاحمة، يأتي في الأولوية سؤال يجب أن يُطرح على الذين يستطيبون التصفيق الآلي لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل. وقد يكون هذا السؤال مقدمة لأسئلة أخرى لاحقة ومستلحقة.  

Advertisement

فليقل لنا الذين يدّعون المعرفة، وقد غابت عنهم أشياء كثيرة: ماذا يريد جبران باسيل بالتحديد، مع العلم أن ما لا يريده بات يعرفه حتى إبن العشر سنوات، لأنه بكل بساطة يريد الشيء ونقيضه. أو بالأحرى يريد كل شيء يعود بالنفع لمصلحته الشخصية، ويرفض أي شيء لا يكون هو محوره.  
لنبدأ بأولويات ما يريده باسيل لننتقل بعد ذلك إلى ما لا يريده. وقد يلتقي ما يريده أو ما يطمح إليه مع ما لا يريده ويقف في وجهه سدّا منيعًا. 
أول الأمور التي يحلم بالحصول عليها، ولكنها تبدو كحصرم رأه في حلب، هي رئاسة الجمهورية. فهو يعتبر نفسه أحقّ من غيره بها. يدّعي بأنه الأقوى في بيئته، أو من بين أقوى الأقوياء، فضلًا عن أنه قد أتمّ أطول “ستاج” في كيفية إيصال الناس إلى “جهنم”.  
ولأن ما يريده جبران هو من سابع المستحيلات، أو كما يُقال بالعامية “نجوم السما اقربلو”، نصل إلى أولويات ما لا يريده. ويأتي في الطليعة رفضه ترشيح رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، وبالتوازي سعيه إلى ألا يكون قائد الجيش العماد جوزاف عون من بين الأسماء الأكثر حظًّا، ولكن من دون أن يعرف أحد حتى هذه اللحظة لماذا يرفض ترشيح الرجلين، مع العلم أنهما يتمتعان بمواصفات تؤهلهما لهذا المنصب، الذي بدأ يفقد قيمته وموقعه وهيبته شيئًا فشيئًا.  
قد يفهم البعض إلى حدّ ما سبب رفضه ترشيح فرنجية. ولهذا السبب التقى مع “المعارضة”، وبالأخصّ مع “القوات اللبنانية” في تبنّي ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور، من دون أن يعني هذا التلاقي الظرفي أن ما بينهما قواسم مشتركة أخرى. 
قد يكون السبب الرئيسي لهذا الرفض أن “حزب الله” فضّل فرنجية عليه، مع العلم أنهما عيناه، ولا فرق بين عين وأخرى. ولكن الظروف أملت على “حارة حريك” اختيار الأول على الثاني، وذلك نظرًا إلى الوعد المقطوع له حتى قبل انتخاب العماد ميشال عون رئيسًا. وقالت له يومها: “بيعنا إياها هالمرّة، على أن يكون دورك في الرئاسة التالية”. 
أما السبب المباشر لرفض باسيل ترشيح العماد عون فيعود على الأرجح إلى أنه وقف في وجهه عندما حاول “مدّ يده” إلى “خرج” المؤسسة العسكرية يوم اعتقد أن في إمكانه التصرّف في هذه المؤسسة كما تصرّف في وزارة الطاقة والخارجية حتى من دون أن يكون على رأس هاتين الوزارتين بالمباشر. 
ولأن العماد عون الآتي إلى رأس المؤسسة العسكرية في الأساس بناء على توصية من باسيل وقف في وجهه وحال دون تمكّنه من تمدّد نفوذه إلى المؤسسة، التي لم ينخرها سوس الفساد، على رغم تقصدّه في أن يكون وزراء الدفاع المتعاقبون من حصّته أو من حصّة رئيس الجمهورية. 
وقد يكون هناك سبب آخر لرفض باسيل، وهو أن “نظافة” كفّ عون هي نقيض ما لمسه اللبنانيون من صفقات وسمسرات في وزارة الطاقة وفي غيرها من إدارات الدولة. ولهذا السبب نُظمت الحملات على قائد الجيش، الذي اتهم زورًا بـ “الفساد”. 
ومتى عُرف السبب بطُل العجب.