تستمر اللقاءات التي يعقدها المبعوث القطري في لبنان جاسم بن فهد آل ثاني والتي تشمل مختلف القوى السياسية بهدف الوصول الى حل ينهي الأزمة الرئاسية، على اعتبار أن الدوحة قادرة على التأثير على بعض الكتل النيابية التي تشكل بيضة القبان في الكباش الرئاسي وتساهم في تحويل الضغط على الأفرقاء بإتجاه ولادة الحل المنتظر، وانتخاب رئيس جديد يكون مقبولاً من الجميع وقادراً على وضع حد للازمة الحالية بالتعاون مع الدول المهتمة.
نقطة القوة القطرية انها قادرة على التواصل حتى مع قوى المعارضة التي قاطعت الفرنسيين في المرحلة الاخيرة وجعلت حراكهم غير قادر على إحداث خرق جدي في جدار الأزمة، لذلك فإن الدوحة تتمتع بثقة شبه كاملة من الجميع بغض النظر عن حجم التنازلات التي ستحصل عليها من هؤلاء، على اعتبار أن الاستنتاجات الأولية التي بدأت تخرج من الجولة الاولى للمبعوث القطري لا تسمح بالكثير من الإيجابية.تؤكد مصادر مطلعة أن “الثنائي الشيعي” بطرفيه، اكد للمبعوث القطري “ابو فهد” أن التمسك بدعم ترشيح رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية لا يزال على حاله، لا بل بات اكبر من اي وقت مضى، من دون ان يعني ذلك عدم مناقشة الطروحات الشاملة للحل، التي تطال الحديث برئاسة الحكومة وحاكمية مصرف لبنان وغيرها من الامور، علما أن الدوحة تصر حاليا على حصر الحديث بإسم الرئيس لا أكثر.وترى المصادر ان تمسك “الثنائي” بفرنجية يترافق مع تقارب قطري مع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، الامر الذي قد يعرقل أو يبطئ الحوار بين باسيل والحزب وبالتالي إغلاق احد أبواب الوصول الى الحل، خصوصا إذا شعر باسيل بأن الحراك القطري قادر على قطع الطريق على فرنجية من دون أن يوصل قائد الجيش العماد جوزيف عون الى رئاسة الجمهورية، ولعل طرح الدوحة لثلاثة أسماء يوحي بعدم تمسكها بإيصال عون.أحد دوافع قطر في لبنان هو الملف النفطي والغازي، وعليه فإنها ستجد نفسها بعد مرحلة من النقاشات الوساطات مضطرة أن تراعي “حزب الله” كما فعلت فرنسا لانه الضامن الوحيد للواقع الأمني في جنوب لبنان، الامر الذي سيعيد الأزمة الى مربعها الأول، أي الى ضرورة الوصول الى تسوية تضمن للحزب مخاوفه وتعطيه رئاسة الجمهورية في مقابل حصول خصومه على مواقع أخرى، وهذا ما ليست مستعدة له قطر او أي دولة اخرى حالياً.كما ان الولايات المتحدة الاميركية غير مستعجلة للوصول الى حل، وهذا يظهر بشكل واضح من خلال عدم قيامها بأي دور مباشر في لبنان، وهذا ينطبق على “حزب الله” غير المنزعج فعليا من الفراغ، اذ ينتظر الطرفان ظروفاً مناسبة للتفاوض حول كامل الواقع السياسي في لبنان ومستقبل التوازنات الداخلية، لذلك فإن التحرك القطري اليوم يكمل ما بدأه الفرنسيون وان بحيوية أكبر، لكن النتائج الايجابية تبدو صعبة في المدى المنظور.