كتبت زينب حمود في “الأخبار”: الأزمة الاقتصادية وارتفاع سعر «المعسّل» 100% في ثلاثة أشهر لم يخفّفا من تدخين النرجيلة، ولم يؤدّيا إلى تراجع استهلاك التبغ، في مجتمع «أركلجي»، يتفنّن في تصميم النرجيلة وصناعة طاولات خشبية لتأمين «راحتها» وتوفير نكهات جديدة كالملوخية والبطيخ والشوكولا…
وتشير إحصاءات الجمارك إلى تراجع استيراد تبغ النرجيلة من 28 ألف دولار عام 2019، بمعدل 3 أطنان، إلى 17 ألفاً و294 دولاراً العام الماضي (بمعدل 2,286 طن). هذا العام استورد لبنان 946 طناً بقيمة 4 آلاف و270 دولاراً. غير أن ذلك لا يعني بالضرورة تراجع حجم الاستهلاك، مع وجود منتجات تبغية محلية الصنع، بعضها يمرّ عبر إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية «الريجي» وبعضها الآخر يصنّع في المنازل، عدا عن كميات كبيرة من التبغ الأجنبي الذي يدخل عبر معابر غير شرعية، حتى صار «المعسّل» يصنّف بين «وزارة» و«تهريب». وبحسب دراسة أجرتها الشركة الألمانية المتخصصة في بيانات السوق والمستهلكين statista عام 2022، تصدّر لبنان الدول ضمن العيّنة في الإنفاق العام على السجائر من أصل الناتج المحلي، بـ 36.7 دولاراً، تليه الولايات المتحدة (35.6 دولاراً). وفيما تتّخذ الحكومات قرارات منع التدخين في الأماكن العامة، ورفع سعر المنتجات التبغية لمكافحة الإدمان، وتكثيف حملات التوعية من مخاطر التدخين على الصحة، لا ينجح كلّ ذلك في لبنان. فمن جهة، لا يُطبق القانون الرقم 174 الذي ينصّ على «منع التدخين 100% في الأماكن العامة المغلقة وحظر جميع أشكال الإعلان والترويج له»، ولا يكترث المدخّنون للتحذيرات الصحية على الواجهتين الأمامية والخلفية لعلب الدخان، ولا لارتفاع كلفة تدخينها ربطاً بتدهور قيمة الليرة ونصيبها من المدخول الشهري للفرد، إذ ارتفع سعر صندوق المعسّل صنف «نخلة» الصادر من «الريجي»، من 225 دولاراً في تموز الماضي إلى 440 دولاراً. ولا يرتبط التوقّف عن تدخين النرجيلة بالإرادة فحسب، مع دخول عامل الإدمان على ماة النيكوتين، فضلاً عن تحوله إلى نمط حياة في الأوساط الاجتماعية المختلفة، ولدى مختلف الفئات العمرية والجندرية. وتعزو أستاذة الأنثروبولوجيا في الجامعة اللبنانية ليلى شمس الدين غياب التأثير الملحوظ للأزمة الاقتصادية على تعاطي النرجيلة الى «ارتباطها بالعادات والتقاليد ونمط الحياة وليس بالمستوى الاقتصادي كما كانت عليه تاريخياً. وقد استوردنا هذه الثقافة من الهند وتركيا ومصر وإيران، وتجذّرت في بيروت وطرابلس ربطاً بالنخب وبطبقة اجتماعية أكثر رفاهية، فعبّرت عن الانتماء إلى مجتمع ذي موقع ثقافي واقتصادي معين». من هنا، «تمنح النرجيلة شعوراً بالإشباع على صعيد الدور الاجتماعي والمكانة في الوسط الذي يعيش فيه الفرد، وتعطي إحساساً بالتماهي بالمجتمع، وبالأكبر سناً بما أنّ الأهل يمنعونها عن أولادهم في أعمار متدنّية. وهناك من يطلبها لتحقيق الاسترخاء والراحة النفسية».