باسيل يلوّح بالذهاب إلى المعارضة الكاملة.. هل يفعلها؟!

29 سبتمبر 2023
باسيل يلوّح بالذهاب إلى المعارضة الكاملة.. هل يفعلها؟!


 
في رسالة اعتُبِرت “ضمنية” إلى “حزب الله” تحديدًا، على وقع رسائل “القوة” المتبادلة بين الجانبين، وإن جاءت بموازاة الحوار المستمرّ معه، ولو “ببطء”، لوّح رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل مرّة أخرى، في خطابه الأخير في القبيات-عكار، بالذهاب إلى ما وصفها بـ”المعارضة الكاملة”، ردًا على مساعي البعض لـ”إحراجه”، من خلال الرهان على “أكثر مرشح رئاسي يضرّنا، بدل أن يفيد البلد”.

Advertisement

 
في الخطاب الذي لم يوفّر فيه باسيل فريقًا إلا وهاجمه، من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، مرورًا بقائد الجيش العماد جوزيف عون، وصولاً إلى شريك “تفاهم مار مخايل” سابقًا، وحوار اللامركزية الإدارية حاليًا، أي “حزب الله”، ألمح باسيل إلى أنّ “المعارضة تقوّي التيار ولا تضعفه”، بل إنّ “التيار الوطني الحر” يصبح في ظلّها، “أقوى وأقوى لأنه لن يكون شريكًا بأي معادلة فشل”.
 
فُهِمت رسالة باسيل على أنّها موجّهة إلى “حزب الله”، ولا سيما أنّها تزامنت مع رسائل وجّهها الأخير، أوحى فيها بـ”انفتاحه” على كلّ الخيارات رئاسيًا، بما فيها تلك التي قد “تستفزّ” باسيل، معتبرًا الحوار معه طريقًا، “لكنه ليس الوحيد” للوصول إلى انتخاب رئيس، فهل أراد باسيل فعلاً ردّ “الصاع صاعين” إلى “حزب الله”، على طريقة “البادئ أظلم”؟ وهل يمكن أن يكون “جدّيًا” باحتمال ذهابه إلى المعارضة بالكامل، في المرحلة المقبلة؟!
 
المعارضة مصلحة لـ”التيار”؟ 
لا يرى الدائرون في فلك “التيار الوطني الحر”، والمؤيدون لرئيسه جبران باسيل، ما يدعو إلى الاستغراب في كلام الرجل، فالمعارضة وفق هؤلاء لطالما شكّلت مصلحة لـ”التيار” على مرّ تاريخه، وفي مختلف مراحل النضال، بل إنّ الكثير من “العونيين”، وربما معظمهم، لا يزالون حتى اليوم يصنّفون أنفسهم أقرب إلى المعارضة من أيّ تصنيف آخر، ويرفضون نعتهم باعتبارهم “جزءًا من المنظومة”، ولو شاركوا في كلّ الحكومات المتعاقبة.
 
من هنا، يشدّد هؤلاء على أنّ خيار الذهاب إلى المعارضة مطروح بقوة، بل إنّ هناك داخل “التيار” من يدفع إلى مثل هذا التموضع في “العهد المقبل”، بمعزلٍ عمّن يكون الرئيس العتيد، طالما أنّه ليس باسيل، وحتى لو شارك الأخير في صياغة “تسوية” انتخابه، وهم يعتبرون أنّ الانتقال إلى ضفّة المعارضة وحده كفيل بـ”تعويض” الخسائر التي مني بها “التيار” في عهد الرئيس السابق ميشال عون، والذي حُمّلوا فيه مسؤوليات تفوق طاقتهم.
 
لكنّ الدائرين في فلك “التيار” ينفون أن يكون مثل هذا القرار قد اتُخِذ، لأنّ “الوطني الحر” لا يهرب من مسؤولياته، وفق ما يقولون، وهو يتعامل مع الأمور من منطلق “المصلحة الوطنية” لا “المكاسب الشخصية”، ولذلك فهو يعتبر أن المطلوب الوصول إلى رئيس “يفيد البلد”، وهو يعمل لتوظيف علاقاته لتحقيق ذلك، حتى لا يقع في “فخّ” الكيديات والنكايات، كما يفعل غيره، الذي يبدو أنّه أضاف لمواصفات الرئيس المقبل، شرط أن “يستفزّ التيار”، وفق هؤلاء!
 
السيناريو “الأصعب” لباسيل! 
لعلّ هؤلاء المحسوبون على “التيار” يستندون في ما يذهبون إليه، إلى ما قاله باسيل في خطاب عكار، حين سأل: “مش عارفين انّو التيّار اذا راح على المعارضة الكاملة، بيقوى؟”. لكنّهم يقولون إنّ المشكلة الجوهرية التي يصطدم بها هذا السيناريو تكمن في أنّ “البلد هو الذي يضعف” في هذه الحالة، ولا سيما أنّ المطالب التي يطرحها “التيار” في “البازار الرئاسي” لا تتوخّى سوى مصلحة الوطن ككلّ، بعيدًا عن الأسماء التي لا تقدّم أو تؤخّر.
 
بيد أنّ دفاع المتحمّسين لـ”التيار” عن سيناريو “المعارضة الكاملة” يبدو أبعد ما يكون عن “الواقعية السياسية” برأي الكثير من خصوم باسيل، ممّن يضعون كلامه هذا في سياق “الشعبوية السياسية”، وهي “الشعبوية” نفسها التي دفعته إلى تأييد مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحواريّة ثمّ الانقلاب عليها، كما دفعته سابقًا إلى تأييد “تشريع الضرورة” مثلاً، ثمّ الاصطفاف إلى جانب قوى المعارضة له، والأمر نفسه يسري على نظرته لعمل الحكومة.
 
أكثر من ذلك، يقول العارفون إنّ خيار “المعارضة الكاملة” قد يكون السيناريو “الأصعب” إلى باسيل، بل أكثر السيناريوهات المُستبعَدة في الواقع الحالي، فمن يراقب أداء الرجل يدرك أنّه يسعى بكلّ ما أوتي من قوة لحجز “موقعه” في “التسوية الآتية”، بدليل حرصه على إبقاء “رِجلٍ” على كل “الجبهات”، فهو يترك قناة تواصل مع “حزب الله”، ويقنع المعارضة أنه ثابت على “تقاطعه” معها، وينفتح على الفرنسيين والقطريين، وكل من يدخل على الخط في الآن نفسه.
 
يشبّه كثيرون حديث باسيل المستجدّ عن الذهاب إلى “المعارضة الكاملة”، بحديثه المتكرّر عن “المنظومة”، التي حيّد نفسه عنها، حتى في ذروة “العهد” الذي وُصِف بـ”القوي”، والذي شكّل باسيل “عموده الفقري”، بل عدّه كثيرون “رئيس ظلّ” على خطّه. بمعزل عن جواز التشبيه من عدمه، ثمّة من يختصر “العبرة” منه، بأنّ باسيل بات “أسيرًا” لـ”جنّة الحكم”، بدليل “تناقض” طرحه المعارض، وتنبيهه الدائم من أيّ تفكير بـ”تجاوزه” في الاستحقاق الرئاسي، لكونه “ممرًا إلزاميًا” لا رئيس يمكن أن يُنتخَب من دونه!