بإستثناء الاوروبيين والفرنسيين تحديدا، لا يبدو أن أيا من الدول المهتمة بالشأن اللبناني، والتي تريد الوصول الى حل جدي للازمة اللبنانية، تعتبر أن عدم الوصول الى تسوية في وقت قريب يؤدي الى توجيه مخاطر امنية او استراتيجية عليها، فحتى الولايات المتحدة الاميركية التي يهددها “حزب الله ” ضمنيا بالذهاب الى معركة مع اسرائيل، مقتنعة بأن حفاظها على هذا المستوى من الانهيار يضمن عدم انزلاق الأمور الى ما هو أخطر.
انطلاقا من هذه النظرة تتحرك الخماسية تجاه لبنان وتسعى الى ايجاد حل يمنع تكريس “حزب الله” رئاسة الجمهورية كمنصب حليف له، وهذا يعني أن الاولوية ليست الحل، انما منع الحزب من تحقيق اهدافه، وهذا يخرج الدول المُبادرة من دائرة الضغط السياسي الذي كان سيفرض عليها في حال كانت مستعجلة بالوصول الى حل، عندها كانت ستقدم التنازلات بهدف التسوية.اما اليوم، فإن الاولوية هي الوصول الى مرشح ثالث لا يستفز الحزب لكنه لا يخضع له، ومن اجل هذا الهدف يمكن التضحية بتوقيت التسوية وترحيلها الى الأشهر المقبلة، بإنتظار التطورات الإقليمية التي ستفرض نفسها على المشهد وعلى القوى الداخلية، لذلك فإن الجهود الحالية اليوم يمكن وضعها في خانة تحصيل ما يمكن الحصول عليه ضمن الكباش الحاصل بين اللاعبين الكبار…وبحسب مصادر مطلعة فإن القوى السياسية وبالرغم من أن المبادرة القطرية بالغة الحيوية، الا ان مستوى الجدية التي تتعاطى فيها، لم يرتق الى الحد الذي يؤدي الى الوصول الى حل قريب او حاسم، بل ان الجميع يعتبر ان المرحلة هي مرحلة تقطيع وقت، وتسجيل نقاط اعلامية وتحسين الظروف التفاوضية بإنتظار التسوية الكبرى التي ستكون أشمل من مجرد تسوية رئاسية، وهذا ما بدأ القطريون يشعرون به بعد أيام من المشاورات الطويلة.حتى ان بعض القوى السياسية باتت تقول بأن القطريين لم يقدموا مبادرة واضحة المعالم ولم يطرحوا اسما واحداً لعقد تسوية حوله انما يتعاملون بكثير من العمومية التي تعني بشكل او بآخر بأن الدول الخمس ليست مستعجلة لاتمام الحل، بل هي ترغب في تمرير الوقت ايضاً مثلها مثل بعض الاحزاب الأساسية اللبنانية، وعليه فإن طرح الاسماء اليوم لا يؤدي الا الى حرقها…كما أن كل الاسماء التي طرحت لا تؤدي الى قلب الطاولة السياسية والنيابية، ولا تجعل الواقع النيابي يميل نحو مرشح محدد بشكل يضمن له النصف زائداً واحدا، بل ان المطروحين اليوم لا يبدّلون اي شيء في المشهد النيابي الذي ستبقى الجلسة الاخيرة المعيار الاساسي له. هذا الواقع بات يدفع الرئيس نبيه بري الى عدم الدعوة لاي جلسة جديدة لانها، برأيه، لن تؤدي الى اي جديد والى اي تغييرات حقيقية في الوضع العام.