كتبت دوللي بشعلاني في” الديار”:ما إن صدر في الجريدة الرسمية عن وزارة الطاقة والمياه قرار للوزير وليد فيّاض حمل رقم 32/ق.و (تاريخ 12 أيلول 2023) يقضي بتعديل إحداثيات موقع حفر بئر الإستكشاف قانا 31/1 في الرقعة رقم 9 في المياه البحرية اللبنانية الصادرة بموجب قرار وزير الطاقة والمياه رقم 30 ق/و تاريخ 16/8/2023، حتى بدأت الأصوات تعلو عن “عدم اكتشاف غاز ونفط في حقل قانا”، والحديث عن “نظرية المؤامرة”، فيما الواقع هو خلاف ذلك. فقد قامت شركة “توتال إينرجيز” المشغلة للبلوك 9 بإبلاغ فيّاض ببعض الصعوبات التقنية التي واجهتها خلال عملية التنقيب، مطالبة إيّاه بتحديث الرخصة واتخاذ قرار تعديل مكان الحفر. وقد لبّى وزير الطاقة هذا الطلب سريعاً لكي لا يحصل أي تأخير في عملية التنقيب والإستكشاف، ولو حتى لأيام معدودة. فما هي حقيقة الأمر، ولماذا سارع البعض الى الحديث عن نتيجة سلبية لعملية الحفر، في الوقت الذي يُفترض أن تصدر فيه النتائج بعد 67 يوماً من بدء العملية التي انطلقت في 24 آب المنصرم؟!
Advertisement
مصادر سياسية مواكبة لعملية الإستكشاف والتنقيب في البلوك 9 تحدّثت لجريدة “الديار” عن أنّ ما جرى هو أمر طبيعي، سببه اعتراض صخرة منصة الحفر أعاقت مسألة وصول رأس الحفر الى عمق البئر، الأمر الذي استوجب تغيير مكان الحفر الى آخر لا يبعد سوى مسافة صغيرة عن الموقع الأوّلي. وهذا الإجراء لا علاقة له بنتيجة الحفر التي من المبكر الحديث عن سلبيتها أو إيجابيتها قبل أواخر تشرين الأول، أو أول تشرين الثاني المقبلين. فطلب شركة “توتال” هو تقني بحت، لا يتعلّق بما جرى استكشافه حتى الآن، بحسب ما يتهيّأ لبعض المغرضين. علماً بأنّ عملية الحفر لا تزال تحتاج الى الوصول الى أعماق البئر الذي تقوم بالتنقيب فيه حالياً.
وأوضحت أن تعديل مكان الحفر لا يعني أنّه سيؤدّي الى تأخير صدور نتائج الحفر، على العكس تماماً. فقد استدركت “توتال” سريعاً وجود هذا العائق وطالبت بإزاحة مكان الحفر بضعة أمتار في الموقع نفسه، وصحّحته لكي لا يُصار الى إرجاء موعد إصدار النتائج. وهو أمر منصوص عليه في رخصة التنقيب والإستكشاف، ولم تخترعه لا “توتال” ولا وزير الطاقة لأي سبب آخر.
وقالت المصادر نفسها بأنّ الحديث عن نظرية المؤامرة غير صحيح. كما أنّه ليس هناك أي مراوغة بسبب توصّل “توتال” الى نتيجة سلبية تتمثّل بعدم وجود غاز أو نفط بكميات تجارية في “حقل قانا”، على غرار البلوك 4، على ما يحلو للبعض أن يتوقّع.. فكلّ ما يُقال أو يتمّ التكهّن به لا يمت الى الحقيقة بصلة، خصوصاً وأنّه في كلّ عمليات حفر آبار النفط تعترض الشركات عوائق تعمل على حلّها مع الدولة التي لزّمتها رخصة العمل، من دون إحداث أي ضجّة، إلّا في لبنان.
في المقابل، يقول مصدر خبير في قطاع النفط لجريدة “الديار” بأنّه خلال عملية الحفر الأولى، وصلت “توتال” الى عمق 35 مترا من أرض البحر تحت الماء، وقد صادفت طبقة صخرية قاسية وضخمة بعض الشيء، ما صعّب اختراقها من قبل رأس الحفر المستخدم في العملية ولذي يُسمّى “القميص الحديدي” بقطر 36 إنشاً. الأمر الذي وضع الشركة أمام خيارين: الأول، تغيير رأس الحفر بقطر 40 إنشاً أو أكثر ما يُمكّنه من اختراق هذه الطبقة الصخرية، ويتطلّب ذلك سحب المعدّات واستبدالها بأخرى. والثاني، تعديل إحداثيات مكان الحفر. وارتأت “توتال” أن تلجأ الى الخيار الثاني لعدم هدر الوقت لأنّ الخيار الأول كان سيستلزم وقتاً أطول. فقامت بالحفر في مكان يبعد عن الموقع الأولي مساحة 31.7 أمتار، مع الإبقاء على معدّات الحفر نفسها، والبقاء في البئر الإستكشافية ذاتها.علماً بأنّ هذه النقطة الثانية من الحفر مُشار اليها في طلب رخصة الحفر على أنّها “موقع بديل في حال حصول أي مشكلة”.
ويُمكن القول، بأنّه مع العمل في نقطة الحفر الثانية، تمكّنت “توتال” حتى الآن من الحفر على عمق نحو 3100 متر عن سطح البحر، بعد أن وصلت في الحفر الأوّلي الى عمق 1713 متراً فقط. الأمر الذي يؤكّد أنّه لم يتمّ هدر الوقت، بل على العكس تماماً تمكّنت الشركة من الحفر على عمق أكبر منذ صدور قرار تعديل الإحداثيات. وهذا يعني أيضاً أنّ هذه النقطة باتت ثابتة، ولن يتمّ تغييرها منذ الآن وحتى انتهاء عملية الحفر، سيما وأنّه لم يُكتشف أي عائق فيها.
وطمأن المصدر نفسه الى أنّ كلّ الدلائل إيجابية حتى الآن دون الخوض في التفاصيل لأنّ الأمور تجري بحسب الخطة الموضوعة، مشيراً الى أنّه لا بدّ من انتظار استكمال عملية التنقيب وانتهائها وإعلان شركة “توتال” نتائج الحفر لكي يُبنى على الشيء مقتضاه. عندها فقط يُمكن الحديث عن حجم الغاز والنفط المكتشف في “حقل قانا”، وإذا كانت الكميات تجارية وضخمة أو غير ذلك.