حتى اللحظة، لم تتفق الاحزاب المسيحية الا على فكرة قطع الطريق على رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، حتى هذا الهدف بدأ “التيار الوطني الحر” يلتف عليه عبر الحوار مع “حزب الله”، لكن بعيدا عن فرنجية بات الواقع المسيحي مهدداً أكثر من غيره في ظل الفراغ الحاكم في لبنان وهذا ما يطرح السؤال عن السبب الذي يمنع الاحزاب المسيحية الاساسية من الاتفاق على كل تفاصيل الاستحقاق الرئاسي او اقله على إسم الرئيس؟
يساهم الفراغ الرئاسي في حصول تدهور تدريجي ومتسارع في الادارة اللبنانية وهذا يصيب بشكل واضح المواقع المسيحية الأساسية التي كان اولها حاكم مصرف لبنان الذي تولاه موظف شيعي وإن بالوكالة، ومن الواضح أن المنصب التالي الذي سيُصاب بالفراغ هو قيادة الجيش في حال لم يتم الإتفاق على صيغة تكون القوى المسيحية جزءاً منها، وهذا ما لا مؤشرات حقيقية عليه حتى الآن.كما ان التحلل الجدي في واقع الدولة يؤدي إلى عدم السيطرة على النزوح السوري الذي يتزايد بشكل خطير والذي سيؤثر خلال أشهر على الواقع الامني والديمغرافي في البلد، لكن أكثر المتأثرين سيكون الشارع المسيحي الذي بدأ قادته يتحدثون عن الخطر الوجودي في حال استمر تدفق النازحين بهذه الاعداد الكبير، لكن بالرغم من ذلك، لا تزال الخلافات هي المسيطرة على علاقة الاحزاب المسيحية ولا يبدو ان هناك أي نية على تغيير هذا الواقع.لا تزال القوى المسيحية تبحث بشكل جدي عن مكاسب سياسية قبل تقديم التنازلات الرئاسية، حتى ان التنازلات التي قد تكون مطلوبة، هي التنازلات المسيحية المسيحية، اي انها من الاحزاب المسيحية لبعضها من أجل التوافق على إسم وفرضه على باقي المكونات، او احراج المكونات الاخرى التي ستصبح مضطرة بدورها للتقدم خطوة بإتجاه حلٍ ينهي الفراغ ويعيد قطار المؤسسات الى سكته الصحيحة.وترى مصادر مطلعة ان القوى السياسية غير المسيحية يمكنها البحث عن مكاسب لان المماطلة ليست على حسابها، بل على حساب المسيحيين وعليه فإن الضغط لا يصيب “الاحزاب المسلمة” في لبنان التي تستطيع التفاوض من دون التعرض لضغط الوقت، في حين ان الاحزاب المسيحية تستنزف نفسها ونفوذها داخل المؤسسات من خلال تمرير الوقت والتفاوض على مكاسب واقعية وغير واقعية، ولعل البحث عن حلول من دون الوصول الى توافق مسيحي – مسيحي هو مضيعة للوقت.وترى المصادر ان التشرذم المسيحي والنكايات السياسية ستجعل بعض الاطراف تتخذ خيارات وتقدم تنازلات لا تصب في مصلحة الحضور المسيحي داخل المؤسسات الدستورية، ما يعني ان الاتفاق على إسم موحد تخاض من أجل المعركة الرئاسية من قبل الأحزاب المسيحية الكبرى هو المدخل الوحيد لانقاذ الحضور المسيحي، اما انتظار التسوية الكبرى فلن يكون الا لصالح تراجع الدور التاريخي للمسيحيين في الدولة والنظام.