كتب ابراهيم بيرم في” النهار”: لا تنكر الاوساط المعنية في حزب الله فرضية أنها على عِلم مسبق بالعملية النوعية الواسعة التي تنفذها حركة حماس بشراكة مع فصائل أخرى منذ قرابة السادسة من صبيحة السبت الماضي والتي لا تزال تتوالى فصولا، إلا أنها تنفي في الوقت عينه علمها المسبق بتطورين اثنين:
الاول، حجم هذه العملية والمدى الواسع الذي بلغته بعد ساعات على انطلاقها، ما جعلها عملاً عسكرياً بكل المقاييس والاعراف ذات الطبيعة الاستراتيجية، التي لها صلة بتجارب الصراع العربي – الاسرائيلي السابقة، إن من حيث المسارات أو من حيث النتائج العسكرية.الثاني، مدى الانعكاسات المرتقبة لهذه العملية على المحيط، وتحديداً على خطوط التماس والمواجهة التي يمكن إدراجها في المدى الحيوي لـ”محور الممانعة والمقاومة”، وخصوصا على جبهة الجنوب اللبناني، التي هي معاقل الطرف الاكثر قوة وتنظيما وقدرة على الحراك المفتوح، وصاحب الترسانة الاضخم في الاقليم، أو بمعنى آخر القوة التي أُدرِجت في خانة الاحتياط الاستراتيجي الحاضر دوماً للانخراط في أي مواجهة شاملة، وهو “حزب الله”.مصادر الحزب تسرّب الى وسائط الإعلام ما مفاده ان الحزب بعث برسالة الى تل ابيب عبر القاهرة يحذرها فيها من ان احتمال دخول عناصره الى الجليل الأعلى يصير احتمالا كبيرا اذا ما فكرت اسرائيل باجتياح برّي لغزة. وبعد 24 ساعة على بدء “حماس” هجومها كان الحزب يرد بطريقته المدروسة على كل التساؤلات التي تنامت في أعقاب بدء “حماس” هجومها، وفحواها ما هو مستقبل الوضع على الحدود اللبنانية مع اسرائيل اذا ما تطورت الامور الميدانية؟ واستطراداً، ما هي ردة فعل الطرف الاقوى في المحور خصوصا حيال امرين:- انه لا بد له ان يكون هذه المرة عند تعهداته ويترجم شعارات التشابك والترابط على نحو عملي.- انه صار يصعب عليه ان يستعيد تجربة عام 2006 عندما سعى يومها الى تخفيف مستوى الضغوط على غزة التي كانت تحت النار الاسرائيلية فنفّذ عملية أسر الجنود الاسرائيليين في محيط بلدة عيتا الشعب.وهكذا، وبعد 24 ساعة بالضبط كان الحزب يلج هذه المرة الى ميدان المواجهة الحالي ولكن من الباب المضمون الذي يدل ضمناً على انه ليس في وارد فتح ابواب المواجهة على مصاريعها، ولكنه عازم في الوقت عينه على ان يوحي لمن يعنيهم الامر انه شريك وليس متفرجا، فكانت مدفعيته توجه قذائفها نحو ثلاثة مواقع اسرائيلية في مزارع شبعا، اي انه اختار الميدان الذي يعرف العالم كله انه منطقة متنازع عليها، وان اسرائيل وإن كانت تتمركز فيها منذ عقود إلا انها لا يمكن ان تزعم ان احتلالها ناجز كما هو احتلال جبل الشيخ المتاخم.وبمعنى آخر، عاد الحزب الى استخدام الساحة الاحتياطية الدائمة لتفجير المواجهة على غرار تجارب سابقة حيث كان يشعل تلك المنطقة غبّ الطلب وعند الحاجة.