ماذا سيفعل حزب الله إذا انتقل الصراع بين حماس وإسرائيل إلى الحدود مع لبنان؟

11 أكتوبر 2023
ماذا سيفعل حزب الله إذا انتقل الصراع بين حماس وإسرائيل إلى الحدود مع لبنان؟

تُعتبر كافة وكالات الاستخبارات معرضة للفشل في كثير من الأحيان وبشكل مذهل. أما بالنسبة لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، التي تعد من بين أفضل الأجهزة تدريباً وأكثرها تقدماً من الناحية التكنولوجية في العالم، فإن أحداث السابع من تشرين الأول تمثل فشلاً مؤلماً بشكل خاص.

وبحسب مجلة “Foreign Affairs” الأميركية، “اعتقاداً منها بأن التهديد الذي تشكله حركة حماس كان متوقعاً ويمكن احتواؤه، فمن المرجح أن إسرائيل كرست أفضل قدراتها الاستخباراتية التقنية والبشرية لتهديدات أكثر أهمية من إيران وحزب الله. إن إخفاء هجوم بهذا الحجم والتعقيد وتحقيق مفاجأة تكتيكية كاملة وسط تحذيرات كافية يشير إلى زيادة كبيرة في قدرات حماس الاستخباراتية والأمنية في السنوات الأخيرة. وتتمتع مجموعات أخرى بالسمة المميزة عينها، أبرزها حزب الله. سواء من خلال مراقبة وتطبيق التكتيكات التي تعلمها الحزب اللبناني على مدى أربعة عقود من الحرب الاستخباراتية مع إسرائيل، أو من خلال تلقي التدريب والمشورة والتخطيط المباشر في بيروت، أظهرت حماس في هجومها جرأة ووحشية وحنكة لم تكن الاستخبارات الإسرائيلية والغربية لتتصور أنها ممكنة إلا من قبل حزب الله”.
وتابعت المجلة، “في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل إلى استعادة السيطرة على القرى وتأمين عودة مواطنيها المحتجزين، فإنها تستعد أيضاً لأمر حاولت تجنبه منذ انسحابها من قطاع غزة في عام 2005، وهو الغزو البري والحرب الشاملة مع حماس على أراضيها. ولكن مع استمرار الحرب في الجنوب، تتجه الأعين نحو الشمال، ويسأل المتابعون السؤال التالي: ماذا سيفعل حزب الله؟ والجدير ذكره أن الحزب لم ينخرط مباشرة في الصراعات السابقة التي نشبت بين حماس وإسرائيل. لكن لا ينبغي لصانعي السياسات الإسرائيليين والأميركيين أن يتجاهلوا خطر أن تؤدي حرب طويلة الأمد إلى تغيير حسابات الحزب”.
وبحسب المجلة، “لقد استفادت حماس وحزب الله منذ فترة طويلة من الدعم الإيراني. وفي التسعينيات والعقد الذي تلا ذلك، أقام الطرفان علاقات وثيقة كجبهات دعم متبادل في “محور المقاومة” الإيراني. وتوترت العلاقة بين الطرفين بدءاً من عام 2011، مع اندلاع الانتفاضة السورية وتحولها إلى حرب أهلية، حيث اختارت حماس الوقوف إلى جانب الشارع السنّي ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد المدعوم من حزب الله وإيران. لكن الماء عادت إلى مجاريها بين الحزب والحركة مع بدء تراجع الحرب الأهلية السورية في العام 2017″.
وتابعت المجلة، “لحماس الكثير لتكسبه من شراكتها مع حزب الله، خاصة بعد أن اكتسب مقاتلو الحزب خبرة عسكرية كبيرة من خلال المشاركة في الحروب في العراق وسوريا واليمن، وكذلك من حرب الظل الطويلة الأمد التي خاضتها الجماعة مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية. وكانت خبرة حزب الله في مجالات الاستخبارات، ومكافحة التجسس، والأمن العملياتي مهمة جداً بالنسبة لحماس. وعلى الرغم من تقديم التدريب والدعم للحركة، إلا أن حزب الله قد لا يرغب في التدخل بشكل مباشر في الحرب مع إسرائيل. أولاً، لا يزال الحزب يتعافى من عقد من القتال في حروب إقليمية دعماً لإيران، وقد كلفته هذه الجهود آلاف الأرواح، وملايين الدولارات، ومخزونات كبيرة من الأسلحة والعتاد”.
وأضافت المجلة، “علاوة على ذلك، وفي الوقت الذي يعاني فيه لبنان من الشلل والانقسام بشكل خاص، وحيث يشعر جزء كبير من المؤسسة السياسية بالاستياء من حزب الله لدوره في عرقلة انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة، يحرص الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، على تجنب المزيد من استعداء الفصائل السياسية الأخرى وتوريط لبنان في حرب يريد معظم مواطنيه تجنبها. كما وسيسعى نصر الله إلى تجنب الخسائر بشرية والخسائر بالصواريخ على معركة ليست وجودية بالنسبة له. ففي النهاية، إن قواته العسكرية وأسلحته المتقدمة موجودة لتأمين السلطة في لبنان، وردع إسرائيل، وتوظيفها في خدمة طهران في حالة نشوب حرب إسرائيلية إيرانية”.
وبحسب المجلة، “إذا استمر القتال بين إسرائيل وحماس في التصاعد، فإن حزب الله قد يستسلم لإغراء التخلي عن حذره والتدخل، خاصة إذا انتهى الأمر بإسرائيل في التورط في حرب المدن. ومع قصف قواتها وتزايد الخسائر في القطاع، سيكون لدى حماس كل الأسباب لطلب المساعدة من شركائها، مما سيضغط على حزب الله لتعزيز دعمه. وفي الوقت نفسه، ربما يكون الحزب قد غيّر بالفعل تقييمه للقدرات الإسرائيلية. فبعد انسحابها من جنوب لبنان عام 2000، وصف نصر الله إسرائيل بأنها “أضعف من شبكة العنكبوت”. وعلى الرغم من أن العقدين التاليين ساهما كثيراً في تذكير حزب الله بقدرات إسرائيل المتفوقة، فإن فشل تل أبيب عسكرياً واستخباراتياً في الأيام الأخيرة من المرجح أن يؤدي إلى إضعاف هذا الرادع”.
وتابعت المجلة، “في حال تدخل حزب الله، سوف يتصاعد الهجوم بسرعة، دون أن يكون هناك ما يمنعه من التحول إلى حرب إقليمية واسعة النطاق. ومن شأن قدرات حزب الله أن تسمح له بالهجوم عن طريق البر والبحر والجو، بدعم من المدفعية والذخائر الصاروخية. بالإضافة إلى ذلك، سيتم الضغط على مؤيدي حزب الله من إيران وسوريا إلى العراق وربما في أماكن بعيدة مثل أفغانستان وباكستان للانضمام إلى القتال. وبعد وقت قصير، يمكن بسهولة جر الولايات المتحدة إلى هذا الصراع، حيث تواجه قواتها ومنشآتها هجمات في كل أنحاء الشرق الأوسط”.
ورأت المجلة أنه “من الممكن تجنب مثل هذا السيناريو الرهيب، ولكن منع ذلك سوف يتطلب تعزيز الردع على طول حدود إسرائيل مع لبنان، حيث يراقب حزب الله من الجانب الآخر. وللولايات المتحدة أيضاً دور مهم تلعبه، فيمكنها تعزيز الجهود الإسرائيلية من خلال نشر قواتها الجوية والبحرية في المنطقة ومن خلال توجيه رسالة إلى كل من إيران وحزب الله بأن المزيد من التصعيد سيؤدي إلى المزيد من العقوبات المعوقة، وفي حالة نشوب صراع شامل، إلى ضربات أميركية على الجماعة. لكن في الوقت الحالي، يُعتبر وجود رادع قوي مهماً للحؤول دون أن يصل الوضع إلى هذا الحد”.