ما الثمن الذي قد تدفعه أميركا لمنع الحرب بين حزب الله وإسرائيل؟

13 أكتوبر 2023
ما الثمن الذي قد تدفعه أميركا لمنع الحرب بين حزب الله وإسرائيل؟


شكّلت عمليّة “طوفان الأقصى” مفاجأة لإسرائيل وحلفائها، وخصوصاً الولايات المتّحدة الأميركيّة الداعمة الأكبر لتل أبيب، التي كانت تتخوّف من إمتداد العمليّة العسكريّة لـ”حماس” أكثر داخل العمق الإسرائيليّ. كذلك، فقد حذّرت واشنطن من فتح جبهات إضافيّة من جنوب لبنان، وقد عنت بالأمر “حزب الله”، لأنّ إسرائيل بحسب مراقبين، أظهرت أنّها فشلت بقوّة إستخبارتيّاً في غزة، وفي الوقت عينه، ليست لديها القدرة على المواجهة على أكثر من جبهة، وهذا ما تُدركه جيّداً الإدارة الأميركيّة، التي كانت تعمل ولا تزال على تجنيبها صراعاً مع لبنان.

Advertisement

 
الأيّام المقبلة ستكون فاصلة في ما يخصّ جبهة الجنوب، في ظلّ إستمرار الإشتباكات المتقطّعة والمحدودة بين “حزب الله” والجيش الإسرائيليّ، ودخول فصائل فلسطينيّة على الخطّ لدعم جهود عمليّة “طوفان الأقصى”، كما حصل قبل ايام، عندما اجتازت عناصر من “سرايا القدس” الحدود الجنوبيّة، واشتبكت مع الإسرائيليين، إضافة إلى إطلاق قذائف، لا يتبنى “الحزب” المسؤولية عن أغلبيتها.
 
وأصبح لبنان كما إسرائيل يُعتبران مهمّين جدّاً بالنسبة لأميركا والدول الأوروبيّة، التي سعت إلى الإستقرار بينهما، وساهمت في ترسيم الحدود البحريّة بين بيروت وتل أبيب، وسط الحديث عن البدء بترسيم الحدود البريّة قريباً بينهما، للحفاظ على الوضع الأمنيّ الهادىء في جنوب لبنان.
 
ولأنّ الولايات المتّحدة ترى أنّ “حماس” وجّهت ضربة قاسيّة لإسرائيل من خلال عمليّة “طوفان الأقصى”، تخشى أنّ تدفع إيران بـ”حزب الله” وسوريا إلى دخول الحرب، من جنوب لبنان، ومن الجولان، فالفرصة كانت سانحة أمام طهران لتكبيد تل أبيب خسائر أكبر، لو فتحت عليها 3 جبهات في الوقت نفسه ، وهي التي نجحت في توحيد الساحات ضدّ إسرائيل، من بيروت إلى دمشق وصولاً إلى غزة.
 
والمعلوم أنّ الحرب الدائرة حاليّاً في غزة لا تُؤثّر فقط على فلسطين وإسرائيل، وإنّما تمتدّ تداعياتها إلى لبنان وإيران وسوريا، حيث “محور الممانعة”، كذلك، فإنّ الولايات المتّحدة تتضرّر بشدّة إذا ضعفت تل أبيب. ويقول مراقبون إنّ الحرب أيضاً تُفرّمل مساعي السلام بين المملكة العربيّة السعوديّة وإسرائيل التي تقودها أميركا، لأنّ الرياض لا تقبل أنّ تُطبّع علاقاتها مع الأخيرة إنّ كان الإتّفاق بينهما لا يلحظ تأمين أبسط حقوق الشعب الفلسطينيّ وإيقاف العدوان عليه. ويُشير المراقبون إلى أنّ من شأن أيّ تقارب بين السعوديّة وتل أبيب، أنّ يدفع بالدول العربيّة والخليجيّة المتبقيّة إلى إقامة علاقات دبلوماسيّة مع إسرائيل.
 
وفي الوقت الذي تدعم فيه أميركا القضاء على “حماس”، فإنّها أيضاً لا تُحبّذ أنّ تطول الحرب في غزة، كيّ لا تُضطر أطرافٌ أخرى إلى دخول الصراع ضدّ إسرائيل. أمّا إذا استمرّت المعارك، وقرّر رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو تنفيذ وعده بتدمير كافة البنيّة التحتيّة والعسكريّة لـ”حماس”، فإنّ على الولايات المتّحدة وفق المراقبين أنّ تعمل على تحييد لبنان عن الحرب.
 
ويقول المراقبون إنّ إعطاء “حزب الله” على سبيل المثال رئاسة الجمهوريّة، عبر تأييد رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، يُشكّل نوعاً من إبعاد “الحزب” عن التدخّل في المعارك، فمحور “الممانعة” هو أكثر الفائزين من “طوفان الأقصى”، وقوّته العسكريّة تزداد في الشرق الأوسط. ويُضيف المراقبون أنّ إيران قد تستفيد أيضاً عن طريق إبرام إتّفاق نوويّ سريع مع الإدارة الأميركيّة، عبر ضبط “المقاومة” في لبنان، وإبقاء جبهة الجولان هادئة، والضغط على الفصائل الفلسطينيّة في غزة للقبول بتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
 
وفي هذا الصدد، يلفت المراقبون إلى أنّ أميركا من أكثر المتضرّرين من الحرب في غزة، فهي ستُدفع بهدف إعادة الإستقرار هناك، إلى تقديم التنازلات لإيران، لأنّها لا يُمكنها التوفيق بين دعم أوكرانيا في حربها على روسيا، بالتزامن مع المعارك الدائرة في غزة ومحيطها. فواشنطن قدّمت مساعدات عسكريّة بشكل غير مسبوق لكييف، وأصبحت إحتياطاتها من الأعتدة والذخيرة قليلة، وقامت بزيادة الإنتاج العسكريّ، بينما موسكو تُحارب على جبهة واحدة.