كتب ايلي يوسف في “الشرق الاوسط”: لا تزال المناقشات والتقديرات عن احتمال تمدد الحرب الجارية في غزة، في أعقاب الهجوم الذي نفذته حركة «حماس» على إسرائيل السبت الماضي، لفتح جبهة جديدة من «حزب الله»، تحظى بتغطية خاصة من وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الأميركية. وبينما يرى البعض أن ما جرى حتى اليوم على الجبهة الشمالية لإسرائيل، لم يتجاوز ما يسمى «قواعد الاشتباك» التي أرسيت أسسها بعد حرب تموز عام 2006 بين إسرائيل و«حزب الله»، وتعززت بعد ذلك، في ما سمي بسياسة «الردع المتبادل» في أعقاب الاتفاق التاريخي على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، يرى آخرون أن احتمالات انزلاق الأوضاع إلى مواجهة مفتوحة، لا تزال عالية الأخطار.
Advertisement
وقرأ البعض زيارة وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان إلى دول ما تسميه طهران «محور المقاومة»، بأنها تعبير عن هذا القلق، على الرغم من تحذيراته ودعوته واشنطن للجم إسرائيل «إذا أرادت تجنب حرب إقليمية»، في الوقت الذي يمارس فيه «حزب الله» انضباطاً شديداً لعدم خرق «قواعد الاشتباك». وتعززت هذه القراءة باللهجة المتوترة للمرشد الإيراني علي خامنئي في نفي أي تورط لطهران في اتخاذ قرار الهجوم الذي نفذه محمد الضيف، قائد «كتائب القسام»، على إسرائيل، والاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
ورغم ذلك، يقول بول سالم، رئيس «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن، إن نفي إيران تورطها في الهجوم، هو مبدئي؛ كي لا توجه إليها تهمة مباشرة في المسؤولية عنه، لكن في الوقت نفسه زيارة عبداللهيان قد تكون في الاتجاه المعاكس. ويضيف في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن الخطر الأكبر كما قال عبداللهيان، يأتي من جبهة أخرى، وقد يكون عبر سوريا حيث رأينا في الساعات الماضية الغارات الإسرائيلية على مطاري دمشق وحلب. لكن رغم وجود «حزب الله» في سوريا، فإن جبهة سوريا ليست بالقوة نفسها لجبهة لبنان، ويمكن أن تستخدمها إيران من دون خرق قواعد اللعبة.
غير أن صحيفة «واشنطن بوست» نقلت في تقرير لها، عن وثيقة استخباراتية أميركية سرية، «أنه من غير المرجح وقوع هجوم واسع النطاق من قبل (حزب الله)». ويرى محللو الاستخبارات الأميركية، أنه بداية من أوائل هذا العام، كان هناك توازن يمكن التنبؤ به، وإن كان لا يزال عنيفاً، بين إسرائيل و«حزب الله»، ما يقلل من خطر نشوب حرب واسعة النطاق هذا العام.
ويتم اختبار هذه الافتراضات الآن في أعقاب هجوم «حماس»، الذي فاجأ المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين بشكل شبه كامل. ووفقاً للوثيقة التي سربت على منصة الدردشة «ديسكورد»، اتخذت إسرائيل و«حزب الله» خطوات «للحفاظ على الاستعداد» لاستخدام القوة، لكنهما ظلا «ضمن أنماط الاشتباك التاريخية»، ما يعني تجنب وقوع إصابات والرد على الاستفزازات بطريقة متناسبة. ووفقاً للتحليل الأميركي، «حتى خلال فترات التوترات المتصاعدة»، كانت إسرائيل و«حزب الله» يعتزمان «إظهار القوة مع تجنب التصعيد».
لكن التحليل يشير إلى عوامل أخرى يمكن أن تقلب هذا التوازن، بما في ذلك «عدم قدرة (حزب الله) على كبح جماح المسلحين الفلسطينيين» مثل «حماس» التي تعمل أيضاً في لبنان.
يقول سالم، إن الحرب ستفرز في الأسابيع، إن لم يكن في الأشهر المقبلة، مشهداً مختلفاً، خصوصاً أن الجيش الإسرائيلي يقوم بعملياته، خطوة خطوة، وتحظى إسرائيل بغطاء أميركي وغربي لا يضعها في عجلة. وإذا حققت إسرائيل غلبة في هذه الحرب، فهذا يعني سقوط «حماس» واختفاءها من المشهد. وستكون هذه نتيجة غير مقبولة لإيران و«حزب الله»، وعندها من الممكن أن يتخذا قراراً استراتيجياً بفتح جبهة ثانية كي لا تخسر «حماس». إسرائيل ليست لها مصلحة الآن في فتح جبهة ثانية، لكن إيران قد يكون لديها مصلحة في ذلك، ولكن ليس في هذه المرحلة، باستثناء القيام بتوجيه رسائل نارية كما يحصل الآن بين الحين والآخر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية.