إسرائيل من يجب أن تقلق.. هل سيُشعل حزب الله الجبهة الجنوبية؟
إذا لم تكن الحرب الدائرة بين حماس وإسرائيل مروّعة بما فيه الكفاية بالنسبة للعالم، فعليه أن يقلق إذن بشأن توسعها المحتمل.
وبحسب صحيفة “The Hill” الأميركية، “إن المنطقة الأكثر عرضة لخطر دخول الحرب هي لبنان.حينها،سيتعين على إسرائيل أن تتعامل مع حزب الله، عدوها اللدود الذي يتمتع بقدرات أعظم بكثير من قدرات حركة حماس، والذي يعتبره كثيرون أقوى جهة فاعلة مسلحة غير تابعة لدولة في العالم. فهل سينضم حزب الله إذن إلى القتال ويحوّل الحرب الدائرة بين حماس وإسرائيل إلى حرب إقليمية لمساعدة شريكه الفلسطيني؟ للإجابة على هذا السؤال، من المهم أولاً عرض ثلاث حقائق متفق عليها من قبل الجميع، أو ما يُعرف بالحكم التقليدية”.
وتابعت الصحيفة، “إن الحكمة التقليدية الأولى، والتي ظلت قائمة لسنوات عديدة، هي أن الحزب له أهمية كبيرة للغاية بالنسبة لراعيته إيران، بحيث لا يمكن الاستعانة به في قتال مع إسرائيل، لأن القيمة الاستراتيجية الرئيسية للحزب بالنسبة لطهران تتمثل في ردع أي هجوم إسرائيلي ضد البنية التحتية النووية الإيرانية. يُعتبر حزب الله “ميزة” إيران، ولذلك، عندما خاض الحزب وإسرائيل في العام 2006 حربهما التي دامت أكثر من شهر، وضعت إيران حدودًا على العمليات العسكرية لحليفها اللبناني للحفاظ على قوتها الردعية الممتدة”.
وأضافت الصحيفة، “أما الحكمة التقليدية الثانية فتتلخص في أن حزب الله يحاول عدم التدخل في حرب غزة لأن ذكريات المواجهة في عام 2006 لا تزال حاضرة في قلوب وعقول جمهور الحزب في جنوب لبنان. إن مناصري الحزب، كغيرهم من اللبنانيين، يعانون من أزمة اقتصادية تاريخية في البلاد، وآخر ما يريدونه هو العودة إلى الحرب مع إسرائيل التي ستؤدي إلى مقتل العديد من الأشخاص وإلحاق الدمار بالبلدات والقرى والضواحي الجنوبية لبيروت، تماماً كما حدث في العام 2006، وربما أسوأ. حينها، كان على إيران أن تنفق أطناناً من أموالها الخاصة للمساعدة في إعادة إعمار جنوب لبنان، أما اليوم، فإيران المتضررة اقتصاديا لا تملك هذه الكمية من المال، وحزب الله يعرف ذلك”.
وتابعت الصحيفة، “إن الحكمة التقليدية الثالثة هي أن حزب الله يتخوف من التورط عسكرياً لأن قوات الدفاع الإسرائيلية تعلمت دروساً من صراع عام 2006، وسوف يكون أداؤها أفضل ولن تظهر أي ضبط للنفس. وخلافاً لما حدث للتو مع هجوم حماس، لن يكون هناك عنصر مفاجأة استراتيجية على الجبهة الشمالية لإسرائيل لأن مستوى استعداد الجيش الإسرائيلي عالٍ. وبالفعل، فقد وضع الجيش الإسرائيلي خطة عملياتية واضحة للشمال، ما إن كانت هذه الخطة ستُنفذ بنجاح فهذا أمرٌ لا يمكن التنبؤ به”.
ورأت الصحيفة أن “هذه الحكم الثلاث تشير إلى أنه، باستثناء بعض التحركات الرمزية أو المحدودة، فإن حزب الله سوف يتجاهل هذه الخطوة. في المقابل، هناك ثلاثة أسباب قد تدفع الحزب إلى القيام بالعكس وتدحض الحكم التقليدية السابق ذكرها. أولاً، من المحتمل أن ترى إيران وشبكة وكلائها في المنطقة أن ما يحدث حالياً يمثل لحظة تاريخية وسيكون من الصعب للغاية تكرارها. في الواقع، قد تكون هذه فرصة مثالية، خاصة في ضوء نجاح عملية حماس، لاستنزاف إسرائيل وزعزعة استقرارها قدر الإمكان وعلى جبهات متعددة، وهو السيناريو الذي يحلمون به طوال الوقت، والذي يبدو الآن أكثر واقعية من أي وقت مضى. والسؤال الذي يطرح نفسه، إلى أي مدى سيذهب كل من الحزب وإيران؟ ليس من الواضح ما إذا كان للمحور الذي تقوده إيران أهداف عملية سوى إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، ولكنه قد يكون كافياً للانتقام من إسرائيل لاحتلالها المستمر للأراضي الفلسطينية واستعبادها القاسي للشعب الفلسطيني. فالمحور يريد فقط رؤية إسرائيل تحترق وتدمر في نهاية المطاف”.
وبحسب الصحيفة، “ثانياً، إن الحزب اليوم يختلف كثيراً عن حزب الله قبل 17 عاماً، فهو يتمتع بصلابة قتالية بسبب تدخله المكلف والناجح في نهاية المطاف في سوريا لإنقاذ نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وهو مجهز بشكل أفضل بكثير بأسلحة متطورة وبعيدة المدى وقادرة على ضرب أي هدف داخل إسرائيل. في الواقع، يعتقد حزب الله أن إسرائيل هي التي يجب أن تقلق بشأن معركة جديدة، وليس العكس”.
وتابعت الصحيفة، “ثالثاً، ربما لا تخشى إيران اليوم توجيه ضربة إسرائيلية ضد برنامجها النووي بنفس القدر بعد أن أصبحت دولة على عتبة نووية، مما يعني أن لديها مجالاً أكبر للاستعانة بحزب الله لأغراض تتجاوز الردع والتي تشمل خوض الحرب”.
وبحسب الصحيفة، “بطبيعة الحال، لا يعني أي مما سبق أنه من المحتم أن يقوم حزب الله بالهجوم. فمن الممكن أن يقوم، بالتعاون مع إيران، بإشعال الجبهة السورية بدلاً من ذلك، نظراً للأصول العسكرية الكبيرة التي نشرها هناك، ومن الممكن أن يقرر عدم متابعة ما يجري من أحداث على الجبهة اللبنانية في الوقت الحالي نظراً للتحديات السياسية الداخلية التي يتعين عليه التعامل معها. لقد كانت عملية حماس بمثابة فشل استخباراتي إسرائيلي هائل، لكن الأهم من ذلك، هو فشل إسرائيل في دراسة المعلومات التي كانت متاحة. لقد استخفت بحماس ورفضت تصديق أن عدوها كان راغباً وقادراً على تنفيذ شيء مميت ومذهل إلى هذا الحد”.
وختمت الصحيفة، “حتى لو قررت إيران عدم التصعيد، فإن حتى تبادل محدود للضربات على طول الحدود اللبنانية الاسرائيلية يمكن أن يؤدي بسهولة إلى الحرب. وهذا بالضبط ما حدث في عام 2006. لم يكن أي من الطرفين يريد الحرب، لكنها حصلت “.