تسيطرُ حالة من الهدوء الحذر على قرى وبلدات جنوب لبنان وذلك بعد ليلٍ ساخن شهد سلسلةً من الإعتداءات الإسرائيلية التي طالت عدداً من المناطق المُحاذية للحدود مع فلسطين المُحتلة.
وصباحاً، سُمعت رشقات ناريَّة في مُحيط بلدة الناقورة في وقتٍ واصل فيه طيران التجسس تحليقه المُكثف في سماء عددٍ من المناطق الجنوبية وصولاً إلى البقاع الغربي.
وخلال مساء السبت، شنّ الطيران الإسرائيليّ غارات على محيط بلدتي الضهيرة وعلما الشعب، في وقتٍ أفيد فيه عن إطلاق صواريخ مضادة للمدرعات بإتجاه المستوطنات الإسرائيلية.
وفي السياق، أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد، إستهداف خلية عسكرية تابعة لـ”حزب الله” في جنوب لبنان، مشيراً إلى أن تلك المجموعة كانت تستعدّ لإطلاق صواريخ مضادة للدبابات بإتجاه مستوطنة أفيفيم عند الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة.
وفي وقتٍ سابق، اليوم الأحد، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيليّة عن إصابة 3 جنود إسرائيليين بجروحٍ إثر إستهدافهم بصاروخٍ مضاد للدروع انطلقَ ليل أمس السبت من لبنان بإتجاه منطقة برعام عند الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة.
كذلك، قال التقرير الذي ترجمه “لبنان24” إنّ أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلي اعترضت صاروخ أرض – جو إنطلق من لبنان أيضاً، مشيراً إلى أنّ “الجيش الإسرائيلي ردّ على ما حصل بقصف أهدافٍ لحزب الله بما في ذلك نقطة عسكرية تم إطلاق الصاروخ منها، إلى جانب بنى تحتية ووسائل مراقبة”.
في غضون ذلك، ذكر تقريرٌ آخر نشرته الصحيفة نفسها أنّه سيتم إخلاء 14 مستوطنة إسرائيليّة إضافية بالقرب من الحدود مع لبنان.
وأشار التقرير الذي ترجمهُ “لبنان24” إلى أنّ تلك المستوطنات تقع على بُعد 2 إلى 5 كيلومتراتٍ من الحدود، وقد ضغط سكانها بشدّة لإدراجهم ضمن خطة الإخلاء، وأضاف: “المستوطنات الـ14 هي: شانير، دان، بيت هليل، شعار يشوف، غوشر، ليمان، ميتزفاه، إيلون، غورين، غارنوت هجليل، ابن مناحيم، ساسا، تسيفبون، وراموت نفتالي”.
ولفت التقرير إلى أنّ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وافق على إضافة المستوطنات الـ14 إلى خطة الإخلاء، مشيراً إلى أن قيادة الجبهة الشمالية في فلسطين المحتلة أبلغت رؤساء المجالس المحلية بالقرار صباح اليوم الأحد.
“شبكات تجسس”
وفي ظل التوتر القائم، بينت معطيات ميدانية عديدة خلال أحداث الجنوب أنّ هناك شبكة من جواسيس إسرائيل تتحركُ بشكلٍ مريب خلال فترات التوتر، والدليل على ذلك ما حصل في أكثر من بلدة قريبة من الحدود.
ولفتت المصادر إلى أنَّ القصف الإسرائيلي الذي استهدف منزل المواطن اللبناني إسماعيل ناصر في منطقة كفرشوبا لم يأتِ من فراغ خصوصاً أن الأخير هو من تصدى لدبابة إسرائيلية كانت تحاول تغيير معالم الحدود في كفرشوبا قبل نحو شهرين، وقالت: “كيف يمكن لتل أبيب أن تعلم بأن هذا المنزل هو لناصر من دون أن يساهم أحدٌ ما في التدليل على المكان وتحديده كبنك أهداف. هناك من ينشطُ ميدانياً لصالح إسرائيل، والأمرُ هذا يشكل خطراً كبيراً على المدنيين والمقاومين أيضاً”.
“التصوير ممنوع”
إلى ذلك، عمل “حزب الله”، عبر ناشطين مقربين منه، على تنفيذ حملة اعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي يوضح فيها أن التصوير الذي يقوم به البعض لأماكن إطلاق الصواريخ أو لبعض عمليات المقاومة مضرّ ومؤذٍ.
وقالت مصادر مطلعة لـ”لبنان24” إنّ الحزب يحاول الحد من عمليات التصوير ونشر مقاطع عن بعض الأحداث العسكرية عبر مواقع التواصل، لأن الأمر يمكن أن يشكل مادة أمنية لاسرائيل يسهل عليها الاستفادة منها.
وشارك في هذه الحملة عدد كبير من الناشطين، خصوصاً في ظل انتشار ظاهرة البث المباشر عبر “تيك توك” من القرى الحدودية والتي قد تؤدي الى تقديم إحداثيات عسكرية ومساعدة غير مباشرة وغير مقصودة للجيش الإسرائيلي.
تحذيرات
وأمام كل ما يجري، بدأت تحذيراتٌ عديدة تتوالى من إمكانية مساهمة نازحين سوريين من إفتعال إشكالاتٍ أمنية في الجنوب وسط التوتر القائم عند الحدود.
وقالت مصادر ميدانيّة إنّ الوجود السوري مضبوطٌ الآن هناك وسط حديثٍ عن إمكانية حصول تحركات مشبوهة للنازحين وإستغلال الأوضاع والتوترات.
ولفتت المصادر إلى أنّ بعض البلدات المحاذية للحدود باتت تُشكل لجان أحياءٍ في إطار “أمن ذاتي”، والهدف منه هو مساعدة السكان من جهة، وضبط أي حركة مشبوهة لغرباء عن المناطق لاسيما النازحين السوريين.
واعتبرت المصادر أن ما حصل في منطقة رميش قبل نحو أسبوعين عندما حاول نازحون سوريون الدخول إلى البلدة بكثافة، مؤشر على إمكانية حصول تحركات مشابهة في أي وقتٍ وضمن أي منطقةٍ أخرى.