حزب الله سيدخل المعركة عندما تحين اللحظة

23 أكتوبر 2023
حزب الله سيدخل المعركة عندما تحين اللحظة

بعد الغارة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت المستشفى الأهلي المعمداني في غزة ما أسفر عن مقتل ما يقرب من 500 شخص، ووسط التوترات المستمرة على الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل، يتكهن الكثيرون كيف يمكن أن يتغير موقف حزب الله بشأن الدخول في الصراع بشكل أكبر في الأيام المقبلة.

 
وبحسب موقع “Middle East Eye” البريطاني، “تأتي مثل هذه الأسئلة على خلفية المناوشات المتفرقة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان والتي تشير إلى احتمال التصعيد. من الواضح أن حزب الله يتصرف بحذر في الجنوب. ولا يقتصر الأمر على تعزيز قواعد الاشتباك مع الجيش الإسرائيلي فحسب، بل يبعث أيضًا برسالة واضحة إلى كل من المؤسسات الإسرائيلية والأميركية مفادها أنه مستعد للمشاركة في هذا المنعطف الحرج. وفي الوقت نفسه، كان هناك حشد ملحوظ للقوات الإسرائيلية باتجاه الحدود الشمالية، في حين تم نشر الدبابات والمدفعية تحسباً للتصعيد المحتمل”.
 
ورأى الموقع أن “الغموض الذي يحيط بتدخل حزب الله المحتمل في الحرب قد خدم عن غير قصد الفصائل المسلحة في غزة من خلال إبقاء القوات الإسرائيلية في حالة تأهب، وبالتالي تشتيت تركيز وموارد المؤسسة الدفاعية. وهذا يشكل ميزة استراتيجية، من خلال منع الجيش الإسرائيلي من تركيز قوته الكاملة على الهجوم على غزة فقط، وفي الوقت عينه يضيف طبقة من التعقيد إلى المشهد الجيوسياسي المتطور”.
 
وبحسب الموقع، “لم يقتصر رد فعل حزب الله على التصرفات الإسرائيلية على تبادل إطلاق النار فقط. إن أحد الجوانب المهمة التي تم التغاضي عنها في هذا الصراع هو تورط الفلسطينيين من مخيمات اللاجئين في لبنان، الذين نفذوا هجمات عبر الخط الأزرق داخل المستوطنات الإسرائيلية. وعلى الرغم من أن الكثيرين قد تجاهلوا هذه الهجمات، لا سيما بالنظر إلى تأثيرها الضئيل نسبياً على الجيش الإسرائيلي، إلا أن المبادرة تمثل تحولاً ملحوظاً. بشكل عام، يُمنع الفلسطينيون في لبنان من دخول منطقة قطاع جنوب الليطاني، التي تعتبر منطقة عسكرية، وسط مخاوف من اشتباك عسكري غير مخطط له مع القوات الإسرائيلية. ولكن في الآونة الأخيرة، وبدعم من حزب الله، قام أفراد ينتمون إلى الفرع اللبناني لكتائب القسام، الجناح المسلح لحماس، وسرايا المقاومة، الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، بإطلاق صواريخ من لبنان باتجاه المستوطنات الإسرائيلية”.
 
وتابع الموقع، “يمكن القول بثقة أن مثل هذه الهجمات غابت عن المشهد اللبناني، على الأقل منذ تحرير جنوب لبنان في أيار 2000، وتظهر عودتها مستوى استعداد حزب الله للانخراط في الحرب الدائرة. بالإضافة إلى ذلك، يشير هذا الامر إلى أنه في حال فتح جبهة ثانية للحرب في الشمال، فإن إسرائيل قد تواجه نيراناً ليس فقط من حزب الله، بل أيضاً من الفصائل الفلسطينية التي تدربت بشكل مكثف على مثل هذه الاشتباكات”.
 
وأضاف الموقع، “يمكن تفسير تصرفات حزب الله في جنوب لبنان بطريقتين متباينتين. التفسير الأول، الذي يتبناه إلى حد كبير محللون إسرائيليون وأميركيون، يفترض أن رد فعل حزب الله المنضبط يدل على عدم الاهتمام بالمساهمة في الهجوم المستمر على غزة. ورغم تضامنه مع قضية الشعب الفلسطيني من خلال الولاء لمفهوم “الجبهات الموحدة” وهو مبدأ أساسي ل”محور المقاومة”، إلا أن الحزب اللبناني يبدو متردداً في الانخراط بشكل كامل، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى عوامل محلية وداخلية يمكن أن تعيق قدرته على شن حرب واسعة النطاق ضد إسرائيل. ويُنظر إلى هذا التردد على خلفية الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعاني منها لبنان. علاوة على ذلك، وعلى الرغم من أن حزب الله يمتلك ترسانة نمت بشكل كبير مع مرور الوقت، يعتقد المسؤولون الإسرائيليون والأميركيون أن الجماعة استنفدت مواردها البشرية من خلال التورط في الصراعات في كل أنحاء المنطقة، وخاصة في العراق وسوريا واليمن”.
 
“لحظة الصفر”
 
وبحسب الموقع، “مع ذلك، فإن التصورات الغربية بشأن الأحزاب الإسلامية غالبًا ما كانت غير متوافقة مع أيديولوجياتها وأفعالها، وشكل هجوم حماس في السابع من تشرين الأول خير مثال على ذلك. يبدو أن الحكومات الغربية اعتقدت أنها تمكنت من إخضاع حماس في غزة، على غرار الطريقة التي تم بها دمج فتح في السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة. لكن الهجوم المفاجئ أظهر استعداداً مستمراً من جانب حماس لمتابعة مطالبها الطويلة الأمد. وعلى نحو مماثل، يظل حزب الله ملتزماً بمبادئه، وخاصة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وهو ما يشكل إشارة قوية إلى أنه لن يتردد في دعم حماس إذا استدعت الظروف. وبناءً على هذا التفسير، تظل الأسئلة قائمة حول التوقيت والظروف التي قد تدفع حزب الله إلى التدخل”.
 
ورأى الموقع أن “حزب الله أبدى بالفعل استعداده للتدخل، ولو بطريقة محدودة. ويبدو أن الاستراتيجية المنسقة بين أعضاء “محور المقاومة” تتسم بالمنهجية المدروسة والمحسوبة، بدلاً من نشر كافة الموارد المتاحة في وقت واحد. وقد أشارت وسائل الإعلام اللبنانية، وخاصة تلك التابعة لحزب الله، إلى ضرورة وجود إجماع بين محور المقاومة قبل اختيار اللحظة الحاسمة، والتي يشار إليها بـ “لحظة الصفر”، التي سيصعّد فيها حزب الله تدخله”.
 
وتابع الموقع، “في حين أن التوقيت الدقيق لـ “لحظة الصفر” هذه لا يزال غير محدد، تشير التكهنات إلى أن الهجوم البري الوشيك في غزة، والذي أيدته الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، يمكن أن يؤدي إلى تدخل أكثر أهمية من قبل حزب الله. ويعكس هذا التفاعل العلاقة التكاملية بين مختلف الفاعلين ضمن “محور المقاومة”. ويبدو أن إيران، على سبيل المثال، تقود الارتباطات الدبلوماسية، كما يتضح من الجولات الإقليمية التي يقوم بها وزير خارجيتها. وعلى الرغم من أن إيران تبدو وكأنها تميل نحو وقف التصعيد، إلا أن تصرفات حزب الله في جنوب لبنان ترسل إشارة واضحة عن استعداد الجماعة للمشاركة عسكرياً إذا لزم الأمر”.