كتب ابراهيم بيرم في” النهار”: وفق تقديرات خبراء عسكريين يعدّون من أصدقاء حزب الله وعلى صلة بدوائره، إن العقل العسكري الإسرائيلي نجح في استخدام تقنيات قتالية متطورة وأدخلها في الميدان، فيما بدا الحزب متكئاً على معادلات ونظريات قديمة نسبياً لا تتلاءم مع المعادلات المستجدة. فكانت من أكثر النتائج إيلاماً أن يفقد الحزب في الأيام الخمسة عشر الأولى لانخراطه في ميدان المواجهات الدائرة نحو 42 مقاتلاً يُفترض أن يكونوا في عداد القوة المحترفة وليسوا من عناصر الحشد والتعبئة.
– صحيح أن العقل العسكري للحزب ليس من النوع الذي يئنّ ويلجأ الى أسلوب التراجع أو يظهر بمظهر المأزوم، لكن قاعدة الحزب الجماهيرية أصابها ارتياب وصدمة.ووفق معلومات ضيّقة سرت في الأيام القليلة الماضية إن قيادة الحزب اضطرّت الى اتخاذ إجراءات عاجلة أقصت بموجبها قيادات عسكرية مكلفة بإدارة الموقف على طول الحدود واستبدلتهم بغرف عمليات تضمّ فريقاً جديداً رديفاً. ومع هذه الإجراءات العاجلة والسرية فإن الحزب بدا كأنه “محاصر” ويصعب عليه التبديل العاجل لفرض معادلات ميدانية مختلفة يتم فيها تلافي الأخطاء والثغر لأن مثل ذلك بحاجة الى وقت وجهود استثنائية.ويروي هؤلاء الخبراء أن الحزب الذي أنشأ خلال الأعوام التي تلت حرب تمّوز عام 2006 قوة نخبوية أطلق عليها اسم قوة “الرضوان” (تضمّ وفق تقديرات الإسرائيليين نحو 4 آلاف مقاتل أخضعوا لتدريبات صعبة في المعسكرات كما لتدريبات في الميدان السوري)، أعدّها لمهمتين غير المهمة التي وجدت نفسها مجبرة على خوض غمارها وهما:– الاقتحام والاشتباك للعمق الإسرائيلي لا التراشق عبر خطوط تماس كما هو واقع الحال حالياً، خصوصاً أن مثل هذا الوضع هو حتماً لمصلحة جيوش كلاسيكية نظامية لا قوات من نوع قوات الحزب، إذ إن ميزان القوى العسكري هو حتماً لمصلحة الجيش النظامي.– استخدم الإسرائيلي بكفاءة عالية تقنيات حرب المسيّرات وهي التقنيات الأحدث في الحروب وقد جرّبها الجيشان الروسي والأوكراني في حربهما المدمرة منذ أكثر من عامين وقد أبلى كل منهما في إثخان الآخر بالجراح والخسائر لكونهما استوعبا قسراً هذا السلاح ذا التقنية المعقدة ولكن ذات المفعول القوي والكاسح في تدمير قوة الخصم.وحسب الوقائع المتوافرة فإن نحو 37 عنصراً من العناصر الذين فقدهم الحزب قد سقطوا بفعل حمولات القوة النارية لهذه المسيّرات.وحسب المعلومات نفسها فإن الخيارات المتاحة أمام مقاتلي الحزب تكاد تكون مقتصرة على سلاحين هما: الصواريخ الموجهة (قصيرة المدى) وقاذفات الكورنيت الروسية الفاعلة في إلحاق الأذى بالميركافا الإسرائيلية الحصينة.المسيّرات هي العدو الأول لمقاتلي الحزب، فهي قادرة على رصد المواقع التي يطلق منها أولئك المقاتلون الصواريخ الموجهة والتي تحتاج الى 36 ثانية لتطلق الصاروخ وتطلق آلياً حمولتها النارية على مصدر الإطلاق الذي يحتاج عملياً الى ثلاثة عناصر حداً أدنى.وبمعنى آخر فإن مقاتلي الحزب يبذلون جهداً استثنائياً للعثور على هدف عسكري إسرائيلي وهم في هذه الحال يكونون في حركة وحال انكشاف واستطراداً يكونون هدفاً سهلاً للمسيّرات الإسرائيلية التي لا ترحمهم، ولأن الوضع هكذا خسر الحزب من العناصر في أسبوعين نصف ما خسره إبان حرب تموز التي استمرت 33 يوماً وكانت أكثر ضراوة وشراسة واتساعاً.