حاول رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل إحداث خرق في الحمود السياسي الذي فرضته الحرب الكبرى على قطاع غزّة والتطورات العسكرية على الحدود الجنوبية مع لبنان، فقام بخطوة كبيرة على مستوى السياسة الداخلية اللبنانية سيكون لها تبعات جدية.
وفق مصادر سياسية متابعة، فإن باسيل لو قام بمثل هذه الزيارات في فترات طبيعية لكانت شكّلت انعطافة كبيرة في الحياة السياسية والتوازنات النيابية وبدّلت التوجهات المرتبطة بالاستحقاق الرئاسي وباستحقاقات دستورية أخرى. لكنّ هذا كله لم يحصل وبالتالي فإنّ خطوة رئيس “التيار” لم تحقّق أي تبدّل سياسي ولم تتمكّن حتى من تحريك الرمال الراكدة في الداخل اللبناني، حيث أن الأنظار بقيت شاخصة نحو التطورات العسكرية والميدانية سواء في جنوب لبنان أو في قطاع غزّة المُحاصر. ومن هنا يمكن القول بأن باسيل لم يستطع أن يُنجز جزءاً من أهدافه التي رسمها لجولته.في المقابل، تمكّن باسيل من تحقيق أهداف أخرى غير مرتبطة بأساس الخطوة، حيث أنه أعاد تشكيل خطابه السياسي والاعلامي وتموضع الى جانب “حزب الله” من دون أن يظهر هذا التموضع باعتباره تنازلاً لأنه تزامن مع ملفّ الحرب الاسرائيلية والمخاطر من تطورات دراماتيكية في لبنان، وربط موقفه بالمصلحة اللبنانية والوحدة الوطنية وضرورة الوقوف الى جانب المقاومة، وهذا الامر أعاد جزءاً من اللحمة في علاقة “التيار” بـ”حزب الله”.من هنا يجب قراءة المشهد المقبل، سواء في المرحلة الراهنة أو في المرحلة المتوسطة بعد انتهاء العدوان على غزّة، إذ إن الحديث سيتركّز حول كيفية استثمار باسيل لهذا التحول، واستثمار القوى المتحالفة مع “الحزب” لتبدّل المزاج اللبناني الى جانبها، إن كان عبر رئيس “التيار” وقوّته النيابية والشعبية أو عبر الاستدارة الواضحة التي قام بها النائب وليد جنبلاط.