كتبت صحيفة “The Hill” الأميركية: “بعد المأساة التي عاشها سكان الجنوب الإسرائيلي عقب الهجوم الذي شنته حماس في السابع من تشرين الأول، هل ستتمكن إسرائيل من التعايش مع تهديد أعظم بكثير على حدودها الشمالية، والذي يشكله حزب الله؟
لقد أوضحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل أنها لن تدعم أي عمل إسرائيلي ضد حزب الله، ولا تريد أن يؤدي ذلك إلى إشعال حرب إقليمية قد تنجذب إليها الولايات المتحدة. ولا بد أن نقر بأن معظم مشاكل الشرق الأوسط سببها إيران ورغبتها في الهيمنة الإقليمية، وهو ما كانت الإدارة مترددة في القيام به. ومن المفارقات أنه إذا أعلنت إدارة بايدن تحميل إيران المسؤولية عن تصرفات حزب الله، فإن ذلك من شأنه أن يقلل من فرصة نشوب حرب من الشمال”.
وتابعت الصحيفة، “يُعتبر حزب الله تابعاً للمرشد الأعلى الإيراني، والأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله يُنفذ أوامر آية الله. فالحزب ليس مستقلاً عن إيران مثل منظمة حماس السنيّة، التي تحصل على مائة مليون دولار سنوياً من إيران بسبب هدفها المشترك المتمثل في القضاء على الدولة اليهودية. إذاً، ما الذي قد يتطلبه الأمر لادخال الحدود الشمالية لإسرائيل في حرب كبرى؟ في الواقع، إذا استهدف حزب الله أو إحدى الجماعات المسلحة الموجودة عند الحدود ناطحات سحاب أزريلي في تل أبيب، أو إذا قام بتوجيه ضربة مباشرة للكنيست أو ديمونة، المنشأة النووية الإسرائيلية، فإن ذلك من شأنه أن يستدعي رداً إسرائيلياً ساحقاً. ولكن إذا أطلق حزب الله صاروخاً باتجاه موشاف أو مدينة شمالية، ما قد يتسبب بمقتل مئات المدنيين، فهل تستطيع إسرائيل ضبط نفسها تحت ضغط هائل من إدارة بايدن، التي تفضل السماح لحزب الله بخوض حرب استنزاف بدلاً من السماح بحرب إقليمية شاملة؟ وهل سيسمح بايدن بحرب استنزاف مع عصابات المخدرات المكسيكية، وإرسال مئات الصواريخ بشكل دوري إلى كاليفورنيا وتكساس وأريزونا، ما قد يسفر عن مقتل مدنيين وجنود أميركيين؟”
بحسب الصحيفة، ” لنفترض أن تصرفات حزب الله تجاوزت الخط الأحمر الإسرائيلي، وتم تصعيد حدة المواجهات إلى مستوى لم تعد فيه الدولة اليهودية مستعدة لتكبد خسائر مدمرة بسبب صواريخ حزب الله البالغ عددها 150 ألف وبسبب تلك التي تسيطر عليها إيران في سوريا والعراق والضفة الغربية واليمن، فهل ستظل الولايات المتحدة داعمة لإسرائيل؟ إذا طلبت الأخيرة المساعدة، فهل سيطلق بايدن العنان للقوة الكاملة للمجموعة الضاربة من حاملات الطائرات لمساعدة إسرائيل في تدمير حزب الله؟ في الواقع، إن الهدف من وجود إيران ووكلائها هو جعل الحياة في إسرائيل صعبة للغاية وإجبار شعبها على الهجرة، مما يجعل الدولة اليهودية أكثر عرضة للخطر في حرب مستقبلية”.
وتابعت الصحيفة، “حزب الله يتفوق على حماس في قدراته. ويبقى السؤال الذي يدور في بال الإسرائيليين ليس في حصول الهجوم بل في توقيته. في الحقيقة، لقد تم إنشاء حزب الله لتدمير إسرائيل، ومن غير المعروف ما إذا كانت إيران تريد استخدام قوتها الآن أو استخدامها في يوم آخر كجزء من استراتيجيتها الطويلة المدى للقضاء على الدولة اليهودية. ويعتقد العديد من المحللين أن وجود مجموعات حاملات الطائرات الأميركية قد غيّر الحسابات الإيرانية، وربما أصبحوا على استعداد ببساطة للاستمتاع بالدمار الذي أحدثه حركة حماس بالنفسية الإسرائيلية والانتظار ليوم آخر. ولكن إذا قام حزب الله بالهجوم، أو إذا استنتجت القيادة السياسية في إسرائيل أنها غير قادرة على التعايش مع التهديد الذي يشكله حزب الله، فهل ستنضم أميركا إلى القتال، أم أنها ستتحول إلى نمر من ورق؟”
وبحسب الصحيفة، “إذا اختارت الولايات المتحدة مساعدة إسرائيل على تقليل التهديد القادم من الشمال، فإن هذا من شأنه أن يكبح التوسع الإيراني، ويعطي الشعب الإيراني الأمل في أنه قادر على الإطاحة بحكومته الإسلامية، وإحياء عملية التطبيع الإسرائيلية السعودية، وإرسال رسالة إلى الصين بضرورة البقاء بعيدة عن تايوان. ومع ذلك، حتى لو تمكنت الولايات المتحدة وإسرائيل من تدمير حزب الله، فلا يمكن التخلص من أيديولوجيته المتطرفة. ووفقاً لاستطلاعات معهد واشنطن، فإن أكثر من 90% من الشيعة في لبنان لديهم موقف إيجابي تجاه الحزب، عاماً بعد عام”.
وختمت الصحيفة، “يبقى السؤال هل الأهداف الاستراتيجية لأميركا وإسرائيل في اليوم التالي لانتهاء هذه الحرب هي نفسها في ما يتعلق بحماس وحزب الله؟ في الوقت الحالي إن التنسيق التكتيكي بين واشنطن وتل أبيب غير مسبوق، لكنه سوف يتعرض للاختبار إذا تحولت الحرب في الشمال إلى حرب إقليمية”.