ما قيل قد قيل… وماذا بعد؟

6 نوفمبر 2023
ما قيل قد قيل… وماذا بعد؟


أسقط الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله في كلمته من حسابات الكثيرين نظرية “ما قبل وما بعد”، لأن ما سيحصل على أرض الواقع الجنوبي بعد 3 تشرين الثاني سيكون مشابهًا لما حصل في 2 منه وما قبله، مع احتمال توسيع رقعة العمليات التي تنطلق من لبنان ضد العدو الإسرائيلي، سواء تلك التي تنفذها المقاومة وتعلن عنها في بياناتها الرسمية والفورية، أو تلك التي تقوم بها “سرايا المقاومة”، أو تلك التي تنفذها مجموعات فلسطينية تابعة لحركة “حماس” بلباس ما يُعرف بـ “قوات الفجر” التابعة لـ “الجماعة الإسلامية”، التي لم يذكرها في كلمته لا من قريب ولا من بعيد. ولكن توسيع هذه العمليات، وبالتالي ما يقوم به العدو من اعتداءات، يبقى من ضمن ما يُعرف بـ “قواعد الاشتباك”، وهي تسمية تحمل الكثير من التناقضات في الشكل وفي المضمون. من حيث الشكل لا يُعقل المزج بين كلمتي “الاشتباك” و”القواعد”، باعتبار أن المنطق السليم لا يمكنه أن يسّلم بهذه “الخلطة” الغريبة والعجيبة بما فيها من التباس لغوي قبل التطرق إلى المضمون، إذ لا يُعقل أن يكون بين عدوين “قواعد”. فإمّا هدنة على غرار الهدنة التي كانت قائمة بين إسرائيل والدولة اللبنانية منذ العام 1949، وإمّا حرب لا قواعد فيها. أمّا أن يكون بين الأعداء ما يُسمّى بـ “قواعد” تحكم الاشتباك بينهم فهو عرف لم يُتبع في أي حرب سابقة. 

Advertisement

فما قيل قد قيل. وقد يكون ما هُيئ لما قيل موازيًا في وقعه لما قيل. وماذا بعد كل هذا الكلام؟ ماذا بعد 3 تشرين الثاني؟ ماذا ينتظر لبنان واللبنانيين من تطورات ومفاجآت؟ وماذا يمكن أن يُقال أكثر مما قيل؟ وهل كل ما قيل قد شفى الغليل؟  
المهمّ في كلمة 3 تشرين الثاني، فضلًا عن إبقاء اليد على الزناد، أنها فتحت الباب واسعًا أمام المساعي الديبلوماسية لوقف العدوان المتمادي على غزة، والذهاب إلى مفاوضات مباشرة مع حركة “حماس”، وبالتالي إبقاء لبنان في منأى عن أي ردّة فعل غير متوقعة، مع استمرار الاشتباكات الحاصلة على الجبهة الجنوبية على وتيرتها الحالية، مع الحفاظ على “قواعد الاشتباك” المعمول بها، والتي يمكن أن تتطور وفق ما يستجدّ من معطيات ميدانية وآخرها المجزرة التي وقعت ليل امس وادت الى استشهاد ثلاثة اطفال وجدتهم. ومن بين هذه المساعي ما يقوم به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من اتصالات، وما يقوم به من زيارات خارجية، وهو الذي طرح مبادرة حلّ للوضع المستجدّ في غزة بدأت تتلمس طريقها لدى المحافل الدولية والعربية، وتلقى قبولًا ديبلوماسيًا من المتوقع أن تتفاعل في الأيام القليلة المقبلة. وهذه المبادرة تتلازم مع ما سبق أن أعلنه من أن بقاء الوضع في قطاع غزة على تفجّره ينذر بتعميم الفوضى في مختلف دول الجوار، ومن بينها لبنان، مع التشديد على أن يستمرّ الجيش بالقيام بما يقوم به من مهمات داخلية، وعلى الحدود الشرقية والشمالية، منها المباشر ومنها الاستباقي والمخابراتي، وذلك لتفويت الفرصة على المصطادين بالمياه العكرة والذين يتحينون الفرص لنقل الفوضى إلى الداخل اللبناني. 
وما هو مهمّ في الحراك اللبناني محاولة إقناع جميع المعنيين بضرورة تطبيق القرار الدولي الرقم 1701، وتعزيز دور الجيش وقوات الطوارئ الدولية جنوب نهر الليطاني، على رغم ما يحدث على مختلف الجبهات القتالية الحدودية من مناوشات وضعها الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله في نصابها الطبيعي كجزء مكمّل لعمليات التخفيف من الضغط العسكري عن غزة.