الضبابيّة سيّدة الموقف وحديث عن تمويل إنتخابي

7 نوفمبر 2023
الضبابيّة سيّدة الموقف وحديث عن تمويل إنتخابي


كتبت كارين عبد النور في” نداء الوطن”: على وقْع الطعون واشتداد حدّة التحالفات السياسية، أرجئت انتخابات نقابة المحامين في بيروت رسمياً إلى التاسع عشر من الشهر الجاري. فنصاب الجمعية العامة العادية، التي عُقدت دورتها الأولى البارحة في قصر العدل، لم يكتمل. الأحزاب أعلنت عن مرشّحيها وسط تداوُل معلومات عن تمويل غير مخفيّ المصدر، هنا وهناك، ولأهداف تُثار حولها علامات استفهام. ويبقى السؤال الأبرز: هل يحرص المحامون على تحكيم الضمير المهني منعاً لتكرار مشاهد إنتخابات سياسية الطابِع داخل نقابة العدالة والقانون؟

Advertisement

باب الترشيحات أغلق على 15 مرشّحاً، من بينهم 11 تقدّموا بترشيحٍ للعضوية ولمنصب النقيب معاً، حيث سيتمّ انتخاب ستة أعضاء منهم (النقيب ضمناً). وبعد أن قام مجلس النقابة بدراسة طلبات الترشيح وقبولها، أصدر بتاريخ 09/10/2023 قراراً اعتبر فيه أن العضوين الخامس والسادس يكملان ولاية العضوين المستقيلين (ألكسندر نجار ووجيه مسعد، اللذان تقدّما باستقالتهما من عضوية المجلس كي يتسنّى لهما الترشّح لمركز النقيب)، لعدم جواز المنافسة على مركز النقيب خلافاً لما ورد في قانون تنظيم المهنة. ذلك أن ولاية العضوين المذكورَين ستنحصر بسنة واحدة، في حين أن ولاية النقيب تمتدّ لسنتين. قرارٌ رأى فيه البعض نسفاً لمبدأ اعتماد القرعة في تعيين العضوين، ما دفع بكل من المحامين فريد الخوري، ألكسندر نجار وابراهيم مسلّم إلى تقديم طعن أمام محكمة الاستئناف القضائية برئاسة القاضي أيمن عويدات. وهناك طعن آخر تقدّم به المحاميَين جاد طعمه ونجيب فرحات اعتراضاً على التصويت الإلكتروني واقتراح رفع قيمة الرسم السنوي وتحديده بالدولار الأميركي، كما حرمان العضوين الخامس والسادس من حقّهما في الترشّح لمركز النقيب. فكيف ستنعكس الطعون على سَير الحملات والعملية الانتخابية.
يشرح المحامي الدكتور جاد طعمه لنا أن استئناف قرار مجلس النقابة الذي تقدّم به وزميله المحامي نجيب فرحات الشهر الماضي – والمتعلّق بتحديد آلية تطبيق جدول أعمال الجمعية العامة الحكمي – جاء اعتراضاً على مسائل ثلاث. الأولى، اعتماد آلية التصويت الإلكتروني على البيانات المالية النقابية ولإجراء الانتخابات، لافتاً أن الاعتراض ليس وليد اللحظة. «منذ العام 2018، حين تقرّر اعتماد هذا النظام، كنت ونقيب المحامين السابق، الراحل عصام كرم، نسجل سنوياً في ديوان النقابة اعتراضاً على اعتماده نظراً لحساسية مضمون البيانات المالية. لكن قرّرنا هذه السنة التوجّه إلى القضاء خصوصاً بعد تجربة العام 2021 السيئة حين كنت مرشّحاً لعضوية المجلس وحصل لغط كبير خلال انعقاد الجمعية العامة قبل إعلان النتائج». وتساءل طعمة عن أسباب تعيين النقيب الحالي خبيراً تقنياً لمراقبة نظام التصويت الإلكتروني لو كانت الأمور بخير، مذكّراً بما كشفه النقيب علناً خلال لقائه أعضاء الجسم المهني عن دخول أحد مندوبي النقابة العام الماضي مع المقترع إلى خلف الستار العازل، ما يُعتبر خرقاً فاضحاً لمبدأ سرّية التصويت والاقتراع ويطرح ضرورة إيجاد علاج جذري للإطمئنان على سلامة التصويت. المسألة الثانية تتعلق بمقترح تعيين قيمة الرسم السنوي بالدولار الأميركي، حيث أشار طعمه إلى وجوب تحديده بالعملة الوطنية منعاً للانزلاق نحو الدولرة الكاملة. «نحن نركن إلى أحكام قانون النقد والتسليف وليس إلى الواقعية التي ستؤدّي إلى مخالفة كل أحكام القوانين الإلزامية. فماذا نفعل لو واصل النقد الوطني تدهوره في ظل غياب أي تدبير من حاكمية مصرف لبنان؟». وبالنسبة للمسألة الثالثة، فهي تتمحور حول منْع العضوين الخامس والسادس من الترشّح لمركز النقيب، حيث أعرب طعمه عن التمسّك بالوجهة القانونية التي تمّ الإدلاء بها سنة 2019، رافضاً الرضوخ لاجتهادات تجافي أحكام القانون. «منطلقات تقديم الطعن هي بحت قانونية رغم محاولات شيطنة تصرّفاتنا. فكل معارض بات يواجَه مؤخراً بمفهوم «وجوب حبّ النقابة» والابتعاد عن الشعبوية، التي قد يكون مطلقوه أكثر من يعتمدونها. حبّنا للنقابة يدفعنا إلى الحرص على تطبيق القانون لا سيّما لدى وضوح النص… حينها يجب الابتعاد عن اجتهادات بعض المحاكم والقضاة من أصحاب السطوة والطموح».أيّاً كانت الاختلافات، غير أن جميع المحامين يتحوّلون إلى حزب واحد أمام قصور العدل: «حزب النقابة الجامعة والمحافِظة على كرامة المهنة وسمعة المحامي»، بحسب طعمه. الجميع، من حيث المبدأ، سيخضعون لنتيجة العملية الديمقراطية في 19 تشرين الثاني وستتضافر الجهود لما فيه خير النقابة. أما مسلسل الطعون والاعتراضات، فسيتوقّف مستقبلاً على شخصية النقيب المنتخَب ومدى تقبّله للنقد الموضوعي والعلمي ورحابة صدره في العودة عن أي قرار داخلي خاطئ بعيداً عن سياسة التمييز واعتماد المعايير المزدوجة – وهي سمات القيادي الناجح والواثق من قدراته. وإلّا، كما يتداول المعنيّون، فجولة جديدة من الطعون!