التمديد لقائد الجيش.. هل بات موقف المعارضة موحّدًا؟!

15 نوفمبر 2023
التمديد لقائد الجيش.. هل بات موقف المعارضة موحّدًا؟!


إلى جانب الاهتمام بتطورات جبهة الجنوب، التي تشهد تصاعدًا متدرّجًا في وتيرتها، كما في شكلها وقواعدها إن جاز التعبير، في ظلّ نقاش متواصل حول سيناريوهاتها المحتملة، لا يزال ملف التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون يشغل الأوساط السياسية المحلية، وسط انقسام “عموديّ” في مقاربته، بين فريق يدعو لحسمه اليوم قبل الغد، وفريق رافض لهذا التمديد “مبدئيًا”، وبينهما من يفضّل “التريّث” لبعض الوقت.

Advertisement

 
وإذا كان “التيار الوطني الحر” يتصدّر قائمة الرافضين للتمديد لقائد الجيش بالمُطلَق، لأسباب يعتبرها هو “مبدئية”، استنادًا إلى رفضه للتمديد لأيّ شخص في أيّ موقع بحسب ما يقول المحسوبون عليه، فيما يعتبرها خصومه “شخصيّة”، انطلاقًا من سعيه لـ”إزاحة” العماد جوزيف عون من المشهد الرئاسيّ، تتصدّر “القوات اللبنانية” قائمة المؤيّدين للتمديد، بعدما تقدّمت باقتراح قانون بهذا الصدد، متجاوزة رفضها مبدأ “تشريع الضرورة”.
 
لكنّ تساؤلاتٍ تُطرَح حول ما إذا كان موقف “القوات” مرآة لموقف قوى المعارضة ككلّ، علمًا أنّ رئيس حزب “الكتائب” سامي الجميل كان قد ألمح في إطلالة تلفزيونية سابقة إلى عدم الرغبة بكسر “تشريع الضرورة” من أجل التمديد لقائد الجيش، في حين زار وفد مشترك من المعارضة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، للدعوة لإدراج الملف على “الأجندة الحكومية”، فهل بات موقف المعارضة موحّدًا من هذا الملف، أم أنّها منقسمة حياله؟
 
اتفاق على “المبدأ”؟ 
يقول العارفون إنّ معظم قوى المعارضة، بمختلف “أفرعها وتشكيلاتها”، إن جاز التعبير، متّفقة “ضمنًا” على مبدأ التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، استنادًا إلى “الظروف الاستثنائية” التي يمرّ بها البلد، بل المنطقة بأسرها، والتي لا تسمح من حيث المبدأ بأيّ “شغور” على رأس المؤسسة العسكرية، خصوصًا في هذه المرحلة التي تُقرَع معها طبول الحرب، بصورة يومية، وبوتيرة متزايدة ومتصاعدة، تثير قلق الكثيرين.
 
وإلى جانب الظروف الأمنية الدقيقة، التي تحتّم عدم السماح بأيّ اهتزاز في المؤسسة العسكرية، سواء ما يتعلق باشتعال الجبهة الجنوبية، وسيناريوهات تمدّد القتال وتوسّع رقعته، أو ما يتعلق بملف النزوح السوري، يضيف بعض المعارضين سببًا “مبدئيًا” آخر يدفع نحو التمديد لقائد الجيش، ينطلق من وجوب عدم المسّ بالموقع المارونيّ الثاني، ويستند إلى الكلام الواضح الذي أصدره البطريرك الماروني بشارة الراعي في هذا الصدد.
 
لكنّ كلّ ما تقدّم لا يعني بالضرورة أنّ موقف المعارضة “موحّد” بالمُطلَق، وأنّ كلّ نواب المعارضة وكتلها “يجمعون” على خيار التمديد، ففي صفوف المعارضة بعض الأصوات التي تتمسّك برفض أيّ تطبيع مع فكرة التمديد بصورة “مبدئية”، وتعتبر أنّ ما يسري على باقي المواقع ينبغي أن يسري على قيادة الجيش، انطلاقًا من شعار “لا للتمديد” الذي ناضلت من أجل تكريسه في مختلف الاستحقاقات الدستورية.
 
ماذا في المضمون؟ 
عمومًا، يمكن القول إنّ معظم قوى المعارضة إما تدفع باتجاه التمديد لقائد الجيش اليوم قبل الغد، وإما “لا تمانع” الذهاب إلى هذا الخيار بشكل أو بآخر، وبالتالي لا تتردّد في التصويت لصالحه متى دقّت ساعة الجدّ. وإذا كانت غالبية هذه القوى تفعل ذلك من بوابة “القناعة” بأنّ الظروف الحالية تحتّمه، ومنعًا لأيّ مغامرة غير محسوبة بالاستقرار، ثمّة بين المعارضين من يؤيد هذا الخيار من باب “النكايات” مع “التيار الوطني الحر”.
 
لكن في كلّ الحالات، يقول العارفون إنّ “الاتفاق الضمني” لقوى المعارضة لا يعني بالضرورة الاتفاق على “الوسيلة” التي ستسمح بتطبيقه، ففي حين سارعت “القوات اللبنانية” إلى تقديم اقتراح قانون لتمرير هذا التمديد من خلال مجلس النواب، تعتبر مكوّنات معارضة أخرى أنّ المطلوب أن يخرج القرار بالتمديد عن الحكومة وليس عن البرلمان، انسجامًا مع موقفها الرافض للتشريع لأيّ سبب، في ظلّ الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية.
 
من هنا، جاءت زيارة وفد المعارضة إلى رئيس الحكومة، بمشاركة “القوات”، للتأكيد على “وحدة الموقف والرؤية”، ولكن ماذا لو لم يخرج القرار من الحكومة؟ كيف ستتصرّف المعارضة عندها؟ هل تذهب مجتمعةً إلى جلسة نيابية لإقرار التمديد؟ يقول العارفون إنّ الصورة غير واضحة بعد، باعتبار أنّ الظروف هي التي ستحكم الموقف، وإن كان هناك اعتقاد بأنّ المعارضة لن تتردّد في تأمين نصاب جلسة “التمديد”، إذا ما سُدّت كلّ الطرق الأخرى.
 
يقول العارفون إنّ موقف المعارضة “موحّد” لصالح التمديد لقائد الجيش من حيث المبدأ، باستثناء الأصوات التي اعتادت على “التغريد عكس التيار”، والتي تعتبر أنّ التمديد مرفوض، والمطلوب إيجاد بدائل من وحي الدستور. تبقى الإشكاليّة الأساسيّة في “وسيلة التنفيذ”، مع تمسّك أطراف في المعارضة برفض “تشريع الضرورة”، علمًا أنّ هناك من يسأل عن مصير “التقاطع” مع “الوطني الحر” إذا ما ذهبت المعارضة إلى النهاية في هذا المسار!