بعد أكثر من شهر على الحرب في غزة، وبدء الإشتباكات في جنوب لبنان، بين “حزب الله” والعدوّ الإسرائيليّ، شهدت الأيّام القليلة الماضيّة تصعيداً مقلقاً، حيث تستعمل “المقاومة” أسلحة جديدة، وتزيد من وتيرة إستهدافها للمواقع العسكريّة الإسرائيليّة، للضغط على إسرائيل في الجبهة الجنوبيّة، بهدف إيقاف الحرب على الفلسطينيين.
Advertisement
وفيما يرى الكثيرون أنّ هذا التصعيد الخطير الذي تشهده الساحة الجنوبيّة، قد يجرّ لبنان للحرب، وخصوصاً بعد استمرار العدوّ بقصف المنازل والصحفيين والسيارات المدنيّة، وردّ “المقاومة” باستهداف المستوطنات، يرى محللون أنّ “حزب الله” لن ينخرط في الحرب مباشرة، وسيُحافظ على “قواعد الإشتباك”، على الرغم من رفع حدّة المواجهات العسكريّة.
ويُذكّر المحللون أنّ نصرالله قال إنّ جبهة جنوب لبنان ستظلّ تُستعمل للضغط على الجيش الإسرائيليّ لتضييق الخناق عليه، كيّ يُوقف أعماله العدائيّة ضدّ الشعب الفلسطينيّ في غزة. لكنهم يُشيرون في الوقت عينه، إلى أنّ “الحزب” مستعدّ لكافة السيناريوهات، من زيادة وتيرة التصعيد، إلى استخدام أسلحة أكثر قوّة، إضافة إلى دخول الحرب، وتوجيه ضربات قاسيّة للعدوّ داخل الأراضي المحتلّة.
وبحسب المحللين، فإنّ “حزب الله” لن يدخل الحرب بهذه السهولة، فهو يُعوّل على الهفوات الإسرائيليّة في جنوب لبنان، فإذا بادر العدوّ بارتكاب مجزرة ضدّ المدنيين، أو وسّع رقعة قصفه لتطال مناطق بعيدة عن الجنوب، مثل الضاحيّة الجنوبيّة أو بعلبك، فإنّ هذا الأمر سيعني حكماً، ردّ “المقاومة” بضرب أهداف داخل العمق الإسرائيليّ.
ويوضح المراقبون أنّ قرار عدم دخول “حزب الله” الحرب مهمّ جدّاً، وهو لا يُريد أنّ يُكرّر ما فعله في العام 2006، أو ما قامت به حركة “حماس” في عمليّة “طوفان الأقصى”. فإنّ بدأت “المقاومة” بالتصعيد وجرّ لبنان إلى الحرب، عندها، سيُدافع العالم عن إسرائيل كما كان الحال قبل 17 عاماً، وبعد عمليّة “حماس” المفاجئة قبل أكثر من شهر.
ووفق محللين عسكريين، فإنّ “حزب الله” يعمل على عدم الدخول في الحرب، وهو يُعوّل على ارتكاب إسرائيل لـ”حماقة” ما، كما يقول نصرالله. وفي هكذا حالة، يُدفع “الحزب” إلى الحرب، ويكون بمثابة المُدافع عن سيادة لبنان واللبنانيين، ويظهر أنّه يصدّ العدوّ، وليس المُبادر بالهجوم عليه. وهذا أصلاً ما يحصل راهناً في الجنوب، إذ تعتبر “المقاومة” أنّها تستهدف المراكز الإسرائيليّة ردّاً على قصف الجيش الإسرائيليّ للمنازل والمدنيين والصحفيين في لبنان كما في غزة.
ويلفت مراقبون إلى أنّ “حزب الله” بعدم دخوله الحرب، وبانتظار أيّ هفوة إسرائيليّة قد تدفع لبنان إلى الإنخراط في الصراع الدائر في غزة، يكون قد كسب شرعيّة لعمليّاته العسكريّة، إذ أنّه سيُظهر للعالم أجمع أنّه اضطر لخوض الحرب للدفاع عن لبنان، ولردع إسرائيل المعتديّة.
ويُضيف المراقبون أنّ “حزب الله” يُدرك جيّداً أنّ الحكومة الإسرائيليّة، رغم تهديداتها، وتلويحها بتوجيه ضربة قاسيّة للبنان، ليست مُؤهلّة لفتح جبهة جديدة، إذ إنّها لم تنجح بعد الدمار الكبير الذي ألحقته في البنى التحتيّة في قطاع غزة، من القضاء على حركة “حماس”، أو التقليل من تجهيزاتها العسكريّة.
ويُشير المراقبون إلى أنّ “حزب الله” أقوى بكثير من “حماس”، وبنى أنفاقاً ولديه تجهيزات أكثر تطوّراً من المقاومة الفلسطينيّة، ويصعب على إسرائيل القضاء عليه، بعدما حاولت في السابق هذا الأمر. ويقول المراقبون إنّ العدوّ لن يُغامر في الحرب مع “الحزب”، لأنّه سيخسر، ولن يُحقّق أيّ من أهدافه، سوى بضرب البنى التحتيّة اللبنانيّة.
ويتوقّع المحللون أنّ تبقى وتيرة الإشتباكات في جنوب لبنان كما هي، وحتّى لو زاد القصف المتبادل بين “حزب الله” وإسرائيل، لأنّ لا مصلحة لأيّ طرفٍ في فتح الجبهة، فالأضرار ستكون مكلفة جدّاً على كلا الطرفين. ويُتابع المراقبون أنّ وزير الخارجيّة الإسرائيليّة أعلن قبل يومين، أنّ الضغوط الغربيّة تزداد على تل أبيب لوقف العدوان على غزة، وأشار إلى أنّ هذا الضغط من الممكن أنّ يتترجم خلال الأسبوعين المقبلين، ما يعني وفق المحللين، أنّ ضربات العدوّ ستتكثّف أكثر في غزة وجنوب لبنان، من دون الإنخراط في الحرب مع “حزب الله”، كيّ يُصوّر الجيش الإسرائيليّ نفسه أنّه خرج منتصراً، وهو مستعدّ في أيّة لحظة في توجيه ضربات قاسيّة لـ”حماس” و”المقاومة الإسلاميّة”.