التمديد لقائد الجيش يفتح أزمة اغتياب.. صلاحيات الرئاسة والراعي يُعلن المواجهة

18 نوفمبر 2023
التمديد لقائد الجيش يفتح أزمة اغتياب.. صلاحيات الرئاسة والراعي يُعلن المواجهة


برزت معالم تطور ينذر بمعركة سياسية حادة حول ملف الشغور المحتمل في قيادة الجيش، اذ تطورت معالم هذا الملف في الساعات الأخيرة على نحو ينذر باصطفافات سياسية تتجاوز بخلفياتها ملف الاستحقاق العسكري الى الازمة الرئاسية والسياسية الكبيرة. ذلك ان اندفاع “التيار الوطني الحر” نحو تعيين قائد للجيش واسقاط كل الخيارات الأخرى ولا سيما منها تأخير تسريح او التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون بابتزاز حليفه القديم – الجديد “حزب الله” لجعله يماشيه في هذا الخيار، ومحاولة استقطاب تأييد رئيس مجلس النواب نبيه بري للتعيين، وضع سائر القوى لا سيما منها المسيحية ومرجعية بكركي امام أيام قليلة حاسمة لاتخاذ وإعلان مواقف حاسمة من هذا الاتجاه. وشكلت الحملة اللاذعة امس لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل مؤشرا متقدما الى معركة أوسع سيكون عنوانها “اغتياب صلاحيات رئيس الجمهورية المغيب أصلا” منذ سنة وشهر من خلال اندفاع “التيار” الى فرض تعيين قائد للجيش يرشح له مدير المخابرات الحالي العميد طوني قهوجي وسط حملة ترويج إعلامية تتحدث عن سير الثنائي الشيعي بهذا الخيار تمهيدا لجلسة سيدعى اليها مجلس الوزراء الاثنين لتمرير صفقة التعيينات العسكرية. ومع ان الثنائي الشيعي لم يؤكد ولم ينف هذا الترويج ولا صدر أيضا أي تأكيد حكومي للدعوة الى جلسة الاثنين، اثارت المعطيات المتصلة بالضغط لتعيين قائد للجيش تفاعلات واسعة خصوصا لجهة اقدام جهة مسيحية تقوم مزاعمها الشعبوية على حماية المواقع المسيحية وفي مقدمها رئاسة الجمهورية على القبول بضرب صلاحيات رئيس الجمهورية قبل انتخابه واقتناص حقه في القرار المتصل بتعيين قائد الجيش الجديد لجعل هذا التعيين الاستباقي في حكومة تصريف اعمال مكسبا سياسيا للتيار الوطني الحر وفرضه على الرئيس المقبل. وتقول المعطيات المتوافرة ان الساعات المقبلة ستكون كفيلة ببلورة المزيد من مواقف مختلف الافرقاء من هذا “الجنوح” الى مس صلاحيات رئاسة الجمهورية علما ان الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي والزعيم الدرزي وليد جنبلاط لا يبدون في وارد مماشاة اتجاه احادي كهذا يمكن ان يتسبب بأزمة اكبر بكثير من ملف الشغور بذاته.

وكتبت “نداء الوطن”: تحت جنح الانهيار الذي ضرب لبنان ولا يزال منذ أعوام، وبلغ ذروته في شغور موقع رئاسة الجمهورية، انكشفت مرة أخرى محاولة وضع اليد على المفاصل الرئيسية في الدولة بدءاً بقيادة الجيش. وبانت ملامح هذه المحاولة في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء من خلال خطة تتعلق بإمرار تعيينات في قيادة الجيش توسّلها «التيار الوطني الحر» عبر الثنائي الشيعي .ووفق أوساط بارزة في المعارضة، هناك «قرار اتخذه «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» بدفن رئاسة الجمهورية من خلال التعيين في مواقع قيادة الجيش والمخابرات وسواهما، وبعدها ترتيب المديرية العامة للأمن العام وحاكمية مصرف لبنان». وقالت هذه الأوساط: «هذا هو المستوى الأول من الخطة. أما المستوى الثاني فسيكون ترشيح باسيل لرئاسة الجمهورية». كما أنّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي يستعد لإطلاق حملة في عظة الأحد، رافضاً المس بقيادة الجيش، ومطالباً بتمديد ولاية العماد عون. وبعد الكلام الذي حاولت بعض الجهات بثه عن قرب تعيين قائد جديد للجيش وعدم التمديد للعماد عون، أكدت مصادر بكركي رفضها المطلق هذا الاقتراح وتمسّكها بالتمديد، ورأت أنّ التعيين «يمثل ضربة قوية لموقع رئاسة الجمهورية، لأنه سيعتبر حينها أنّ البلاد تسير بلا الرئيس، ويمكن اتخاذ قرارات كبرى، وكذلك ترفض بكركي مثل هذا التعيين سواء اتى من جهة مسيحية أو غير مسيحية، وكل ذلك من أجل تصفية الحسابات الضيقة». وتحدثت المعلومات عن أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي «متمسك بالتمديد ولن يطرح أي تعيين إذا لم ينل موافقة بكركي فهو لا يريد تخطي أكبر مرجعية مسيحية في هذا الظرف الحساس». وتردّد أنّ لقاءً ضم مسؤول الإعلام والبروتوكول في بكركي وليد غياض والقياديين في «حزب الله» مصطفى الحاج علي ومحمد سعيد الخنسا. وعلم أنّ «الحزب» لم يعطِ جواباً نهائياً يتعلق بقضية قائد الجيش، ولم يقل إنه لا يريد التمديد للعماد عون، لكنه أبلغ غياض ان القضية تحتاج الى مزيد من الدرس.
وقالت مصادر سياسية لـ «اللواء» أن موضوع معالجة الشغور الرئاسي لم يرسُ على قرار بعد في ضوء ما تردد عن بروز توجه بشأن تعيين قائد للجيش، ما يفتح المجال أمام تعيينات والاستفسار عن المسار الذي يمكن أتباعه الحكومة أو المراسيم الجوالة.
ولفتت هذه المصادر أنه ليس واضحا ما إذا تم التراجع عن بحث التمديد للعماد جوزف عون ام لا ما وضع الالتزام السياسي على المحك لاسيما أن المعنيين تبلغوا أن خيار التمديد سيعتمد والآن يجري الحديث عن تعيين جديد، معتبرة أن هناك جملة اتصالات تشق طريقها بشأن التعيين الذي في المبدأ يحظى الاسم المرشح بموافقة رئيس الجمهورية بعدما يقترح الأسماء وزير الدفاع.
وأشارت هذه المصادر إلى أن الأشكالية قائمة وان التعيين يتوجب صدوره من الحكومة، فهل ستقدم على هذا الإجراء ام تسعى إلى التمديد وفق سلة تشمل قادة الأجهزة الأمنية، معتبرة أن كل شيء يتضح قريبا.
وفي السياق، أبلغت مصادر في تكتل الجمهورية القوية لـ «اللواء» ان التكتل يؤيد التمديد للعماد عون، وليس تعيين قائد جديد للجيش.مصدر بارز في “القوات اللبنانية” اكد ل” الديار”ان القوات لا تعتبر التمديد لقائد المؤسسة العسكرية مرتبطا بتشريع الضرورة، بل يرى انها مسألة ترتقي الى الامن القومي وسط حرب دائرة في جنوب لبنان في اي لحظة يمكن ان تتوسع اضافة الى ان موقع الرئاسة الاولى شاغر، ولا بوادر لانتخاب رئيس في المدى القريب.واضاف المصدر انه لا يجوز التلاعب بتراتبية الجيش بالذهاب الى اعلى رتبة. كما شدد على ان تعيين قائد للجيش هو من صلاحيات رئيس الجمهورية، واذا حصل ذلك في ظل الشغور فهناك انتهاك صارخ لحق رئاسة الجمهورية. اما النائب جبران باسيل فيريد ابعاد العماد جوزاف عون لمصلحة شخصية غير دارٍ بما سيحصل بالبلد.وتابع المصدر ان القوات لا تزال تعارض التشريع في ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية، لانه في حال حصل ذلك كأننا نقول ان لا لزوم لوجود رئيس للجمهورية ما دام ان هناك حكومة تصدر قراراتها ومجلس نيابي يشرع. وعلى هذا الاساس، تتمسك القوات اللبنانية بموقفها للضغط باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية.وكتب نقولا ناصيف في” الاخبار”: الورقة الاخيرة المفترض ان تكون الرابحة في تعطيل التمديد لقائد الجيش هي الرئيس ميشال عون. في الكلمة التي القاها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الاحد الماضي والنبرة العالية التي تناول بها التمديد، عكست يقيناً بحصوله قبل ان تتدحرج تباعاً اسباب مهمة لابطاء سرعة اتخاذ القرار، ومن ثم تأجيله الى موعد لاحق، توطئة لصرف النظر عنه. بالتأكيد من شأن التمديد لقائد الجيش وقوع الطلاق نهائياً بين باسيل وحزب الله. كلاهما بذل في الاشهر الاخيرة رغم الثقة المترجرجة بينهما جهوداً للحؤول دون افتراقهما في مرحلة يحتاج كلاهما الى الآخر.ما ينتظر حكومة ميقاتي ما لم يطرأ ما يستجد، شأن ما يحصل باستمرار في بلد مفتوح على المفاجآت في كل آن، هو ذهابها في الايام المقبلة الى حسم نهائي للخيار. ما يدور في الاروقة السياسية ان المخرج المرشح الى الظهور: إما تعيين قائد جديد للجيش او ايكال قيادة الجيش الى قائد بالوكالة ماروني الى حين انتخاب رئيس للجمهورية.بت الخيار الاول في الايام المقبلة، قبل الوصول الى موعد احالة عون على التقاعد في 10 كانون الثاني المقبل، مؤداه إما وضعه في تصرّف وزير الدفاع او تعيينه في السلك الديبلوماسي من خارج الملاك (صلاحية تحتم في الاصل وجود رئيس للجمهورية الذي يملك الاختصاص وهو اقرب الى الاستحالة في غياب وزير الخارجية عن مجلس الوزراء). كلاهما مستبعدان متى اوكلت القيادة الى قائد اصيل او قائد وكيل في يوم 10 كانون الثاني.في ما مضى قبل الحرب اللبنانية، اتخذ مجلس الوزراء مرتين قراراً بتعيين قائد للجيش في السلك الديبلوماسي دونما ان يُعيّنا بالفعل: اولى في كانون الثاني 1970 عند اقالة العماد اميل بستاني وثانية في ايلول 1975 عند اقالة العماد اسكندر غانم.