كتب طارق ترشيشي في” الجمهورية”:
إنّ الخيارات المطروحة لمعالجة الاستحقاق العسكري باتت معروفة ولم يُتفق على اي منها بعد، وهي إما تمديد ولاية قائد الجيش باقتراح قانون نيابي او مشروع قانون حكومي، او صرف النظر عن هذين الخيارين والذهاب إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء يتمّ خلالها تعيين قائد للجيش ومجلس عسكري كامل.
واذا تعذّر ذلك تعيين رئيس اركان جديد للجيش الشاغر حالياً، بحيث يتولّى مهمّات قائد الجيش بالوكالة حسب قانون الدفاع الوطني، الى حين تعيين قائد جديد، او صيرورة القيادة موقتاً الى الضابط الأكبر رتبة، الى حيث انتخاب رئيس جمهورية جديد وتأليف حكومة جديدة. ولكن التدخّلات السياسية بوجهيها الداخلي والخارجي هي التي تمنع حتى الآن من اعتماد اي من هذه الخيارات، فيما الوقت بدأ يضيق ويهدّد بحصول فراغ في قيادة الجيش، وعندها ستتمّ معالجة هذا الفراغ على الطريقة التي عولج بها الفراغ في المديرية العامة للأمن العام وفي حاكمية مصرف لبنان. وأحد المعوقات التي تمنع خيارات التمديد وغيرها، هو انّ المعنيين يرون صعوبة في اعتمادها كونهم رفضوا اعتمادها سابقاً في مصرف لبنان والأمن العام.
والآن وفيما الجميع ينتظرون ما ستؤول اليهم حرب غزة، فإنّ فريق المعارضة بكل تلاوينه، جاهر في تأييده التمديد لقائد الجيش، فبادر وفد منه الى زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إثر عودته من القمة العربية ـ الاسلامية الاخيرة التي انعقدت في الرياض، طالباً ان تتخذ الحكومة الإجراءات اللازمة التي تؤدي الى هذا التمديد.
إلّا انّه وبغض النظر عن التطورات الاقليمية والوضع السائد على الجبهة الجنوبية، فإنّ مواقف الأفرقاء السياسيين، وحتى مواقف العواصم المهتمة بالاستحقاق الرئاسي لم تتبدّل بعد، فكل ما زال على مواقفه وخياراته ومناوراته، في الوقت الذي «جُمّدت» او تجمّدت كل المبادرات الخارجية العربية، والاجنبية. فلا الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان حدّد موعداً لعودته مجدداً، ولا الموفد القطري او اي موفد آخر ايضاً، وذلك بسبب عملية «طوفان الأقصى» وما تلاها ولم ينتهِ فصولاً بعد.
ولم تستجب القوى السياسية بكتلها النيابية في الايام الاولى لحرب غزة، لنصيحة قدّمها رئيس مجلس النواب نبيه بري لاغتنام الفرصة وانتخاب رئيس، لتقوم سلطة جديدة تتعامل مع التطورات الاقليمية وتداعياتها، ما ولّد انطباعاً بأنّ لبنان باستحقاقاته الداخلية قد ينتظر طويلاً، في ظلّ التوقعات باحتمال تطور الوضع في غزة وفي جنوب لبنان الى حرب اقليمية مفتوحة على كل الاحتمالات، في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة الاميركية ودول اوروبية واقليمية لا تزال تستبعدها، وتحذّر من الانزلاق اليها عبر رسائل توجّهها الى المعنيين وفي كل الاتجاهات.