هل تنجح قطر رئاسيًا حيث فشل الآخرون؟

26 نوفمبر 2023
هل تنجح قطر رئاسيًا حيث فشل الآخرون؟


هل من قال قبل ما يقارب السبع عشرة سنة “شكرًا قطر” لأنها ساهمت في إعادة بناء ما هدّمته إسرائيل في حرب تموز، في أكثر من منطقة جنوبية وفي الضاحية الجنوبية، يستطيع أن يقولها اليوم، ولكن ليس لأنها تعيد بناء ما تهدّم، بل لأنها تعمل لمنع تهديم ما هو قائم؟ وهل تستطيع الدوحة أن تنجح في لبنان كما نجحت في غزة، وهل في إمكانها أن تكون مؤثرّة في اتصالاتها الدولية والإقليمية والمحلية في تمديد الهدنة في غزة، وبالتالي نقل “عدوى” هذه الهدنة، التي يؤمل أن تكون دائمة، إلى الجنوب اللبناني؟

وفي الاعتقاد فإن قطر عملت لبنانيًا على خطّين: الخطّ الأول مع إيران لتهدئة الوضع الجنوبي. ولهذا السبب كانت زيارة وزير خارجيتها حسين عبد الأمير اللهيان لبيروت دون سواها من عواصم المنطقة، وكذلك هي على تواصل مع واشنطن لممارسة أقصى درجات الضغط على إسرائيل للجم اعتداءاتها على القرى الجنوبية. وهذا ما فعله الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي اتصل برئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، وطلب منه تهدئة الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة في لبنان طيلة فترة الهدنة في غزة.
أما ما تقوم به قطر على الخط اللبناني الثاني فإن كل المعطيات تشير إلى إمكانية تفعيل مهمة الموفد القطري في ما يتعلق بالأزمة الرئاسية، على وقع الهدنة في غزة وانسحابها على جنوب لبنان، بما يُتيح للقوى السياسية الالتفات إلى ملفات وُضعت على الرفّ منذ عملية “طوفان الأقصى”، إلى درجة أن بعض هذه القوى عندما فوتح بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد أتى جوابه على أن ثمة أشياء مهمة، ولكن هناك أمورًا أكثر أهمية. والوقت اليوم هو لما هو أهمّ.
أمّا في حال لم يعد الأكثر أهمية بالنسبة إلى هذا البعض بهذه الأهمية في حال انتقلت هدنة غزة إلى الجنوب، فإن ما كان مهمّا كدرجة ثانية يصبح الأكثر أهمية، باعتبار أن الانتخابات الرئاسية هي المدخل لكل الحلول الأخرى، ومن بينها قيادة الجيش على سبيل المثال لا الحصر، إضافة إلى انتظام العمل المؤسساتي بكل تفاصيله التشريعية والتنفيذية، حيث ينصرف مجلس النواب إلى عمله التشريعي لمواكبة ما يفترض أن تقدم عليه أول حكومة بعد الانتخابات الرئاسية من إصلاحات باتت مطلوبة أكثر من أي وقت مضى تمهيدًا لوضع لبنان على سكّة التعافي.  
ومن ضمن التوقعات يُفترض أن يقوم مسؤولون قطريون بزيارة قريبة للبنان بعيداً عن الإعلام على جري العادة، وفي جعبتهم جدول لقاءات محدود جداً، لاستئناف البحث في الملف الرئاسي وأزمة الفراغ المتوقّع في قيادة الجيش، ولكن نجاح المهمة القطرية مرهون بمدى ما يلقاه هؤلاء المسؤولون القطريون من تجاوب من قِبل بعض السياسيين اللبنانيين، الذين لا يزالون يرون العنزة عنزة حتى ولو طارت، وهم الذين أفشلوا في السابق المسعى القطري، على رغم العلاقة الوطيدة بين هذا البعض والدوحة، التي لم تستطع إقناعه بأي تسوية لا يكون له فيها “حصّة الأسد”.
والكلام عن استعجال الانتخابات الرئاسية في حال نجحت قطر في تهدئة الجبهة الجنوبية هو كلام في محّله، وذلك استباقًا لإمكانية لجوء إسرائيل بعد هذه الهدنة، سواء في غزة أو الجنوب، إلى توسيع “بيكار” الحرب، وهو “سيناريو” لا يزال قائمًا في أذهان قادة الحرب – الصقور في إسرائيل، ويمكن إعادة طرحه في أي وقت من الأوقات، خصوصًا إذا رأت تل أبيب أن حسابات حقلها في غزة لم تنطبق على حسابات “البيدر الجنوبي”.
فهل تنجح قطر رئاسيًا حيث فشل الآخرون، ومن بينهم فرنسا التي ستوفد جان ايف لودريان إلى لبنان في مهمة يبدو أنها مستعجلة.