خلافًا للتوقعات.. الوطني الحر مقتنع بأنّ التمديد لقائد الجيش لن يمرّ!

26 نوفمبر 2023
خلافًا للتوقعات.. الوطني الحر مقتنع بأنّ التمديد لقائد الجيش لن يمرّ!


منذ أيام، يسود الاعتقاد في البلاد أنّ التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي تنتهي ولايته في شهر كانون الثاني المقبل، أصبح “محسومًا”، على الرغم من اعتراضات بعض القوى، وعلى رأسها “التيار الوطني الحر”، وأنّ إقراره لم يعد أكثر من “مسألة وقت”، ربما بانتظار “ربع الساعة الأخير”، خصوصًا بعد الموقف “الحازم” الذي أطلقته الكنيسة المارونية، ممثّلة بالبطريرك بشارة الراعي.

 
يستند أصحاب هذا الاعتقاد إلى الكثير من الأسباب “الموجبة” التي تجعل التمديد لقائد الجيش “حتميًا”، يتصدّرها بطبيعة الحال “الضغط” الذي يمارسه البطريرك الماروني، الذي قال صراحةً إنّ “المساس” بموقع قيادة الجيش قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية غير مقبول بأيّ شكل من الأشكال، إضافة إلى الظروف “الاستثنائية” التي تمرّ بها البلاد، في ضوء “قرع طبول الحرب” المستمرّ، على الرغم من الهدنة المُعلَنة في قطاع غزة.
 
لكن، خلافًا لهذا الانطباع، يبدو أنّ “التيار الوطني الحر” الذي يشهر سلاح “الفيتو” في وجه التمديد لعون، مطمئنّ إلى أنّ التمديد “لن يمرّ”، وهو ما يكرّره العديد من قياديّيه ومسؤوليه في مجالسهم المغلقة، حيث يجزمون أنّ “مصير” قائد الجيش سيكون مشابهًا لسائر المسؤولين الذين لم يتوقف الحديث عن التمديد لهم حتى اللحظة الأخيرة من ولايتهم، من دون أن يتحقّق، فعلى ماذا يراهن “التيار” تحديدًا؟
 
التوافق “المتعذّر”
 
فيما كان معظم المتابعون يجزمون أنّ التمديد لقائد الجيش يقترب، وأنّ البحث قائم حول “الإخراج المناسب”، وسط تساؤلات عمّا إذا كانت سيصدر عن الحكومة أم البرلمان، خصوصًا بعد كلام البطريرك الماروني الذي وُصِف بـ”عالي السقف”، والذي انتقد فيه “التيار الوطني الحر” مباشرةً، ولو لم يسمّه بالاسم، جاء البيان الأخير لتكتل “لبنان القوي” بعد اجتماعه الدوري برئاسة الوزير السابق جبران باسيل، ليؤكد على موقف “التيار” الرافض للتمديد بالمُطلَق.
 
ومع أنّ هناك من قرأ في كلام البطريرك الراعي بابًا للتمديد، باعتبار أنّه مؤشّر على أنّ المسيحيّين متمسّكون به، وهم المعنيّون الأوائل بموقع قيادة الجيش، فإنّ المحسوبين على “التيار الوطني الحر” يقولون إنّ موقف البطريرك الراعي “لا يمثّل كلّ المسيحيين”، طالما أنّ التوافق على الأمر بين مختلف الأحزاب المسيحية متعذّر، وأنّ الإجماع غير متوافر في الظروف الحالية، مع تأكيدهم تقديرهم للبطريرك الماروني، وإن اختلفوا معه في “المقاربة”.
 
 برأي هؤلاء، فإن التمديد لقائد الجيش لا يمكن أن يمرّ إذا لم يتحقّق “الإجماع المسيحي” حوله، وهو ما يبقى مُستبعَدًا، طالما أنّ “التيار” لا يرى أنّ هناك أزمة فعليّة، بل يعتبر أنّ السجال الحاصل حول الموضوع هو “افتعال لأزمة غير موجودة”، ولا سيما أنّ مروحة البدائل الدستورية والقانونية للتمديد متوافرة، ما يعني أنّ لا وجود للفراغ في موقع قائد الجيش، حتى لو انتهت ولاية الأخير، من دون أن يصدر شيء عن الحكومة أو مجلس النواب.
 
“نقطة القوة” بيد “التيار”
 
هكذا، يتمسّك “التيار الوطني الحر” بموقفه القائل بأنّ لا فراغ في قيادة الجيش، وبأنّ أيّ خطوة من نوع التمديد لقائد الجيش الحالي تتطلّب إجماعًا هو غير متوافر في الوقت الحالي، بما أنّه يشهر سلاح “الفيتو” بوجهه، لكنّ “التيار” يستند في موقفه هذا وفقًا للعارفين، إلى “نقطة قوة” يعتقد أنّه يمسك بها، بما يقيّد المعارضين له ممّن يدفعون باتجاه اتخاذ قرار التمديد، ألا وهي “وزير الدفاع” المحسوب عليه وضمن حصّته الوزارية.
 
يقول العارفون إنّ “التيار” يعتبر أنّ التمديد لقائد الجيش لا بدّ أن يمرّ عبر “قناة” وزير الدفاع، وهو ما أكّد عليه في البيان الأخير لتكتل “لبنان القوي”، الذي نصّ صراحةً على أن الوزير المختصّ (الدفاع) يبقى صاحب الصلاحية في الاقتراح والتقرير، بل ذهب لحدّ التلويح بأنّ أيّ مساس بالسلطة الدستورية للوزير يشكّل تهديدًا بإسقاط دستور الطائف، ويشرّع الباب أمام الفوضى والمجهول، في رسالة قد لا تكون دلالاتها بخافية على أحد.
 
ولعلّ “التيار” يردّ بذلك على أصحاب المنطق القائل بإمكانية “تجاوز” وزير الدفاع، إذا ما “تقاعس” عن المبادرة لطلب التمديد لقائد الجيش، لكن، ماذا لو انتقل الأمر إلى مجلس النواب، كما “وعد” الرئيس نبيه بري، بعد نهاية الشهر؟ هنا، يقول العارفون إنّ “التيار” يراهن على أنّ الأمر لن يكون سهلاً أيضًا، أولاً لأنّ هناك من لا يزال رافضًا لفكرة “تشريع الضرورة”، وثانيًا لاعتقاده بأنّ “حزب الله” لن يكون ضدّه، بمعزل عن كلّ ما يُحكى هنا أو هناك.
 
في النتيجة، يبدو أنّ ملف التمديد لقائد الجيش لم يُحسَم بعد، خلافًا للانطباع السائد، أو لعلّه لم ينضج بعد، بانتظار اكتمال الصورة في الأيام القليلة المقبلة. لكن ثمّة من يسأل عن “تبعات” هذا الملف، أيًا كان “مصيره”، فهل ترضى بكركي مثلاً بتجاوز موقفها، الداعي لعدم إحداث أيّ تغيير في قيادة الجيش حتى انتخاب رئيس؟ وكيف سيتعاطى باسيل مع أيّ “أمر واقع” لا يوافق عليه، وهو المقتنع حتى الآن بأنّ “الأرجحية” تبقى لعدم التمديد؟!