لم يحمل ما تداوله الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان مع المسؤولين الرسميين والقيادات السياسية والحزبية في يومه الأول من زيارته امس مفاجآت لمن التقاهم بمقدار ما أضاء على نقاط الاهتمام والرصد والتركيز والتحذير لدى فرنسا في الملف اللبناني وتاليا، الى حد كبير، لدى المجموعة الخماسية المعنية بالملف اللبناني أي الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر . اذ انه يمكن تحديد الخطوط العريضة الأساسية التي يركز عليها لودريان مشاوراته وأحاديثه مع المسؤولين الرسميين والسياسيين بثلاثة :
أولا، التشديد “البديهي” المتكرر على الطابع الملح والمصيري لانتخاب رئيس للجمهورية يعيد انتظام المؤسسات خصوصا مع تعاظم الاخطار الإقليمية راهنا. ولم يطرح لودريان هنا أي أسماء لمرشحين لكنه أشار بوضوح الى تفضيل التوافق على “الخيار الثالث” لانتخاب رئيس من دون ان يلمح او يفصح عن أي اسم محدد. كما انه، طبقا لما اشارت اليه “النهار” امس، طرح فكرة اللقاء التشاوري الجامع للقوى والكتل او الاحتكام الى جلسة انتخابية مفتوحة من دون توقف حتى انتخاب رئيس.ثانيا، التنبيه تكراراً من محاذير انزلاق الوضع في الجنوب الى مواجهة واسعة او حرب بين حزب الله واسرائيل ودعوة الافرقاء اللبنانيين ولا سيما الحكومة الى تحمل مسؤولياتهم في إعادة الاعتبار الى الواقع الدولي – اللبناني الذي يجسده القرار 1701 ويرعى الوضع بما يمنع أي انزلاق نحو الحرب.ثالثا، انطلاقا من الواقع الخطير إياه الذي يجتازه لبنان في مواجهة التطورات الأمنية والعسكرية على الحدود ناهيك عن اخطار اتساع الفراغات في المؤسسات وخصوصا في مؤسسة الجيش، بدا لافتا ان موضوع التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون حضر ملفا ثالثا في المشاورات بما أوحى بوضوح بتأييد الفرنسيين لخيار التمديد.وتاليا فان خلاصة مواقف لودريان لدى القوى التي زارها تلخصت بالاتي :1- تأييد فرنسا عملية التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون من باب الحفاظ على سيرورة عمل المؤسسة العسكرية. ولم يتطرق لودريان الى اخراج هذا التمديد عن طريق الحكومة او عبر مجلس النواب. وكرر في الوقت نفسه استمرار دعم بلاده الجيش.2 – في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية قال ان باريس ستواصل مساعيها لانتخاب رئيس للجمهورية والحد من ايام الشغور المفتوحة التي تنعكس سلبا على كل المؤسسات في لبنان. وعاد الى التشديد على موضوع الحوار بين الافرقاء والكتل النيابية. وسمع من الرئيس نبيه بري انه “منذ اليوم الاول وهو يدعو الى مثل هذا الطرح ولتتم تسميته حوارا او تشاورا شرط ان يؤدي الى انتخاب رئيس”. ودعاه الى لقاء الجميع لبلورة مخرج حواري يساعد في تعبيد الطريق الى اتمام الاستحقاق الرئاسي.3 – كان لودريان حذرا في معرض كلامه حيال التهديدات الاسرائيلية للبنان لكنه لم يصل الى حدود الرسالة التي نقلتها وزير خارجية بلاده كاترين كولانا عند حضورها الى بيروت، ولو ان لودريان لم يدخل في طمأنة لبنان انه لن يتعرض لضربة اسرائيلية على ان تكون كل هذه الامور رهن تطور الاحداث في غزة. وتلقى لودريان بعض انتقادات على اداء فرنسا ووقوفها في هذا الشكل المنحاز لمصلحة بنيامين نتنياهو الذي ينفذ جيشه مجازر ضد الفلسطنيين. وسأل بري لودريان عن “القيم الفرنسية التي سقطت في امتحان غزة” وذكر ان الخروق ضد القرار 1701 اول ما جاءت من اسرائيل قبل حرب غزة.وكشف الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لـ”النهار” انه اكد للموفد الفرنسي ضرورة السير في التمديد للعماد جوزف عون ، انطلاقاً من الحرص على عدم الوصول بالمؤسسة العسكرية إلى شغور قيادتها، فضلاً عن الاخذ في الاعتبار موقف البطريرك الماروني الذي يرفض اي تعيين في ظل الشغور في موقع رئاسة الجمهورية. واكد جنبلاط ان موقفه ثابت في هذا الشأن، لأن الخيار الآخر يقضي بتعيين رئيس للأركان ولكنه ليس الخيار الأمثل لأن المؤسسة العسكرية لا يجب ان تكون قيادتها بالوكالة او الإنابة او التكليف.وثمة معلومات أكدت ان اللقاءين بين لودريان وكل من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع تناولا في العمق ملف الجيش إلى جانب التشديد على اعتماد حل واحد وحيد لانهاء ازمة الرئاسة هو عقد جلسة انتخابية مفتوحة وليفز فيها من يفوز من المرشحين المتنافسين .