هذا ما استنتجه لودريان في زيارة الفرصة الأخيرة

1 ديسمبر 2023
هذا ما استنتجه لودريان في زيارة الفرصة الأخيرة


ما يمكن استنتاجه للوهلة الأولى من زيارة الموفد الفرنسي الرئاسي جان ايف لودريان للبنان، وهي الزيارة الرابعة له منذ الشغور الرئاسي، أن اللبنانيين لا يزالون غير مهيأين لوضع حدّ لما يعرفونه مسبقًا أنه من بين الأسباب الكثيرة المدمّرة لبلدهم، سياسيًا، وانتظامًا لعمل المؤسسات واقتصاديًا واجتماعيًا وحتى أمنيًا، خصوصًا أن خلافاتهم الرئاسية تمتدّ إلى قيادة الجيش، مع كثرة التحليلات والتنظيرات حول عملية تأجيل تسريح قائد الجيش الحالي العماد جوزاف عون، كما أن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل يصرّ على “معاداة” الجميع، بمن فيهم البطريرك الراعي، وهو مستعدّ للذهاب في “عدائيته” للعماد عون إلى الآخر، خصوصًا أنه لا يزال يعتقد أنه يملك “أوراقًا رابحة” استنادًا إلى ما لدى وزير الدفاع العميد موريس سليم المقرّب جدًّا منه من صلاحيات يعطيه إياها قانون الدفاع الوطني، مع أن البعض يتحدّث عن مخارج قانونية أخرى يمكن أن يلجأ إليها مجلس الوزراء، الذي لا يزال رئيسه يراهن على وحدة الموقف قبل الاقدام على أي خطوة يراها مناسبة أكثر للحفاظ على المؤسسة العسكرية، وعدم تعريضها للاهتزاز في هذه الظروف العصيبة والدقيقة.  

Advertisement

وما يستُّشف مما يقوله لودريان لمن يلتقيهم من مسؤولين وشخصيات سياسية أن ما تقوم به فرنسا تجاه لبنان، الذي يعني لها الكثير، قد يكون الفرصة الأخيرة أمام اللبنانيين لانتخاب رئيس لجمهوريتهم، أي ما معناه،Aujourd’hui ou jamais) ). 
هو تعبير فرنسي يُستعمل عادة عندما يرى المرء أن كل الفرص المتاحة ستضيع من بين أيديه فيلجأ إلى وضع الرافضين الاستفادة من هذه الفرص أمام مسؤولياتهم. وهذا ما سيحصل على الأرجح عندما يرى اللبنانيون أنفسهم أمام طريق رئاسي مسدود، وأن من كان على استعداد لمدّ يد العون لهم لم يعد يكترث بعدما لمَس لمْس اليد أن خلافات اللبنانيين هي أعمق من انتخابات رئاسية لتطال مصير الجمهورية بحدّ ذاتها، بالأخصّ في ضوء الحرب الدائرة في غزة وامتدادها إلى الجنوب اللبناني وخشية تمدّدها إلى كل لبنان. 
فما كان يمكن أن يقبله محور “الممانعة” قبل حرب غزة ومعارك الجنوب لن يقبل به بعدهما. فلكل شيء حسابه. وما لم “يُقرَّش” في السياسة الداخلية في السابق نتيجة “فائض القوة” سيُعاد فيه النظر. هذه النظرة إلى الأمور لدى “الثنائي الشيعي” تقود المحللين إلى نتيجة واحدة، وهي أن “حزب الله”، ومعه حركة “أمل” وسائر القوى، ومجموعها 51 نائبًا، يتمسّكان بترشيح رئيس تيار “المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية اليوم أكثر من ذي قبل، وهو لن يقبل بالتالي أن يأتي رئيس للجمهورية من خارج محور “الممانعة”، لأنه يعتقد أن أي رئيس آخر سيطعن المقاومة في ظهرها. 
ويقول أحد المقربين من جو “حزب الله”: لنفترض أنه تمّ انتخاب رئيس للجمهورية غير فرنجية أو أي شخص لا ينتمي إلى “الخطّ الممانع” فإن تعامله مع الحزب من موقعه الرسمي لن يكون كموقف “الرئيس الممانع”، الذي سيدعم المقاومة أيًّا يكن خيارها الحربي، حتى ولو أدّى هذا الخيار إلى جرّ لبنان إلى حرب مدمّرة على غرار ما هو حاصل في غزة، تمامًا كما فعل الرئيس أميل لحود، الذي حمى ظهر المقاومة في “حرب تموز”. 
إلا أن هذا الأمر لا يعني أن الرئيس غير الممانع لن يقف ضد إسرائيل في حربها على لبنان، ولكنه بالتأكيد كان سيفعل ما يفعله الرئيس نجيب ميقاتي بصفته رئيسًا للحكومة، أي أنه لن يترك فرصة إلاّ ويستغّلها لإبعاد شبح الحرب، التي ستكون كارثية بكل ما لهذه الكلمة من معانٍ مأسوية على كل لبنان من جنوبه إلى شماله، ومن بقاعه إلى ساحله، وبالأخصّ على المناطق الحاضنة لـ “حزب الله”.