قطر على الخط.. هل يتحرّك ملف الرئاسة من جديد بعد زيارة لودريان؟

1 ديسمبر 2023
قطر على الخط.. هل يتحرّك ملف الرئاسة من جديد بعد زيارة لودريان؟


بعد جمودٍ طرأ عليه منذ ما قبل السابع من تشرين الأول الفائت، حين فرضت عملية “طوفان الأقصى” نفسها على كلّ الاستحقاقات، وغيّرت كلّ الأولويات، شهد ملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية “حركة متجدّدة” هذا الأسبوع، من خلال الزيارة “المتأخّرة” للمبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، والتي اختلفت قراءاتها، وإن تقاطعت على أنّ الرجل لم يحمل “جديدًا عمليًا” يمكن البناء عليه للحديث عن “خرق فعليّ”.

Advertisement

 
وإذا كان الوضع في جنوب لبنان فرض نفسه على “أجندة” المسؤول الفرنسي المكلّف بمتابعة الشأن الرئاسي اللبناني، على وقع “الهدنة” المُعلَنة في قطاع غزة، والتي انعكست على الحدود الجنوبية أيضًا، فإنّ العناوين الأساسية للزيارة بقيت “ثابتة” على ضرورة أن يتّفق اللبنانيون في ما بينهم ويتفاهموا على انتخاب رئيس جديد للجمهورية اليوم قبل الغد، من دون الرهان على متغيّرات إقليمية أو دوليّة قد تخدم هذا الفريق أو ذاك.
 
وجاءت زيارة لودريان إلى بيروت متزامنة مع عودة الحديث عن “وساطة قطرية” قائمة، وعن اتصالات تجريها الدوحة مع مختلف الأفرقاء، في سبيل الوصول إلى “تفاهم ما” ينهي الشغور الرئاسي، بل إنّ هناك من يقول إنّ دولة قطر التي نجحت في إنجاز “الهدنة” في غزة، لن يستعصي عليها “الحلّ” على الساحة اللبنانية، فما مدى “واقعية” هذا الاستنتاج؟ وهل يجوز القول إنّ ملف الرئاسة “تحرّك” من جديد بعد زيارة لودريان؟
 
لا مبادرة فعليّة 
لا يتردّد العارفون والمطّلعون على الكواليس في نفي كل ما يُحكى عن “مبادرة جديدة” قد تكمن خلف زيارة جان إيف لودريان الجديدة إلى بيروت، خصوصًا لناحية توقيتها الذي أثار الكثير من الالتباس في بعض الأوساط السياسية، على وقع المتغيّرات الدراماتيكية التي حدثت بعد الحرب على غزة، حتى في ما يتعلق بالتموضع الفرنسي، بعدما أثار موقف الإليزيه المنحاز لإسرائيل خصوصًا في الأيام الأولى، “امتعاض” الكثيرين في الداخل اللبناني.
 
ثمّة في هذا السياق من يضع الزيارة في إطار المساعي الفرنسية لاستعادة بعض من “نفوذها” في الشرق الأوسط، من خلال البوابة اللبنانية تحديدًا، علمًا أنّ “انكفاءها” خلال الشهرين الماضيين جاء في جانبٍ منه ليس فقط بسبب التغيّر في الأولويات، ولكن أيضًا نتيجة الفشل في تحقيق “الخرق”، علمًا أنّ هناك من يعتقد أنّ باريس أرادت استغلال انشغال شركائها في المجموعة الخماسية بالموضوع الفلسطيني، لإعادة تحريك الملف الرئاسي.
 
ولعلّ ذلك يتجلّى وفق هؤلاء، بأنّ المسؤول الفرنسي لم يحمل جديدًا فعليًا، بل إنّ زيارته جاءت بمثابة “استنساخ” للزيارات السابقة، سواء لناحية “الأجندة” التي شملت اجتماعات مع الشخصيات والأحزاب نفسها تقريبًا، أو لناحية “الطروحات”، حيث عاد الحديث عن “اللقاء التشاوري” كبديل عن “الحوار” المرفوض، وإن أضيف إليها حديث عن وجوب ترك الملف الرئاسي بمنأى عن الحرب في غزة، وعدم ترحيله لما بعد انتهائها كما يلمّح البعض.
 
حراك قطري في الأفق؟ 
بمعزل عن النتائج “العملية” لزيارة لودريان التي تبدو غائبة، أو على الأقلّ غير واضحة، ثمّة من يرى أنّ النتيجة الأساسية التي حقّقتها تكمن في أنها “أعادت تحريك” الملف الرئاسي، المجمّد منذ أسابيع طويلة، ولا سيما بعد “فرملة” كلّ الوساطات والاتصالات، حتى إنّ المطالبات بعقد جلسة لانتخاب الرئيس قد خفتت، حتى من باب “رفع العتب”، باعتبار أنّ ما يجري في غزة جعل الاستحقاق الرئاسي، على أهميته وحساسيّته، “ترفًا” لكثيرين.
 
لكنّ الأنظار قد لا تكون منصبّة فعليًا على نتائج الحراك الفرنسيّ، بل على حراكٍ آخر تقوده الدوحة، التي انتقلت إليها “راية المبادرة” بعد الزيارة الأخيرة للودريان، علمًا أنّ العارفين يجزمون أنّ قطر على الرغم من انشغالها بالوساطة التي قادتها في غزة، لم “تُهمل” الملف اللبناني، الذي بقي حاضرًا في اتصالاتها ومتابعاتها، وكان آخرها زيارة قام بها موفد قطري، ولو وُصِفت بأنّها “استطلاعية”، تهدف إلى “جسّ النبض” بشكل أساسيّ.
 
وفي هذا السياق، تشير بعض التسريبات إلى تغيّرات في المقاربة القطرية للملف، فبعد أن كانت وساطة الدوحة تقوم على تبنّي ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون بوصفه الأوفر حظًا، يُنقَل عن المعنيّين أنّ الدوحة باتت تضع اسم عون جنبًا إلى جنب اسم فرنجية، بعدما تبيّن أنّ أيًا منهما لا يحظى بالإجماع المطلوب، وهي تطرح أسماء أخرى قابلة للنقاش.
 
لا توحي المعطيات المتوافرة بأيّ “انفراجة” على خطّ ملف رئاسة الجمهورية، في المدى المنظور. ثمّة من يقول إنّ الوساطات كلّها لن تنجح في إحداث “الخرق”، طالما أنّها لم تقترن بوجود رغبةٍ داخليّة حقيقيّة بإنجاز الاستحقاق. وثمّة من يعتقد أنّ أيّ “تحريك” للملف لن يصل إلى خواتيمه، قبل انتهاء الحرب في غزة، ونضوج ظروف الإقليم، وطالما أنّ هناك من يعتقد أنه قادر على “توظيف” هذه الظروف لصالح هذا المرشح أو ذاك!