لعل الدليل الأكبر على أهمية ملف قيادة الجيش هو حضوره كبند للأستفسار من الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الذي قال بالمباشر أن هناك حاجة إلى التمديد للعماد جوزف عون وشرح مبرراته وانعكاساته على الاستقرار في البلد.
لم يخرج ملف التمديد من دائرة البحث الداخلي ولن يخرج ، انما من المرجح ان يشهد استراحة قصيرة قبل أن يتفاعل أكثر فأكثر قبيل الدخول في الأيام الأخيرة من المهلة الفاصلة عن موعد الاستحقاق.حاليا، تترقب القوى السياسية ماهية “التخريجة” لهذا الملف بعدما تم استبعاد سيناريو تعيين قائد جيش، في حين أن تعيين رئيس اركان كي يحل مكان قائد الجيش وفق القوانين لا يبدو الحل الأمثل على الرغم من أهمية تعيينه، أما صدور التمديد عن الحكومة فقد يعرضها للطعن ، فضلا عن الخشية من انقسام داخل المجلس.ومع تعدد القراءات القانونية لإيجاد حل للشغور في مركز القيادة ، فإن كلمة السر تبقى الإجماع وخوض المعركة لقيام تأجيل التسريح حتى الرمق الأخير، فهل يتم ذلك من خلال التشريع في مجلس النواب؟ وهل من محاذير محددة؟ما يصدر من دراسات دستورية في هذا الملف يشير بوضوح إلى أن مجلس النواب قد يشكل في مكان ما المخرج، وفي كل الأحوال فإنه متى حضر التفاهم السياسي فإن تمرير الملف لن يكون بهذه الصعوبة ، ولا بد هنا من الإشارة إلى أن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي يحمل لواء الدفاع عن القيادة الحالية ولن يتوانى عن ترداد موقف التأييد للتمديد للعماد عون .وفي هذا المجال ، تؤكد أوساط سياسية مطلعة ل ” لبنان ٢٤ ” أن رفض “التيار الوطني الحر” للتمديد للعماد عون لا يعني أن الإمكانية غائبة عن هذا التوجه لاسيما أن غالبية هذه القوى لا تعارض هذا التمديد وبالتالي قد تكون الساحة المحلية أمام مشهد مواجهة بين المؤيدين والمعارضين لهذا الملف ، كما ان طرح ملف انعقاد جلسة لمجلس النواب يخضع للتشاور أولها بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.الى ذلك يجري الخبير الدستوري المحامي الأستاذ سعيد مالك قراءة دستورية ل” لبنان ٢٤” فيقول أنه من الثابت والاكيد أن كافة المخارج مسدودة لجهة تأجيل تسريح أو التمديد لقائد الجيش أن كان لجهة التعيين من قبل مجلس الوزراء أو تأجيل التسريح بموجب قرار يصدر عن وزير الدفاع أو بقرار حكومي ، وبالتالي ليس هناك من باب إلا اللجوء إلى مجلس النواب والى تعديل المادة ٥٦ من قانون الدفاع الصادر من المرسوم ١٠٢/ ٨٣ بتاريخ ١٦ / ٩ / ١٩٨٣ . اليوم ويفترض حتى يمر هذا التعديل دون أية إمكانية الطعن به يجب أن يكون التشريع شموليا وعموميا أي لا ينصب فقط وحصرا على مستفيد واحد .ويؤكد مالك أنه عندما تعدل المادة ٥٦ تعدل لمرة نهائية ، ولا يكون تعديلا ظرفيا أو مرحليا أو مؤقتا أو لمرة واحدة فقط ، كما حصل عندما عدلت هذه المادة تحديدا في العام ١٩٩٥ لمصلحة العماد إميل لحود، ويومها لو حصل طعن امام المجلس الدستوري لكان قد أصاب حكما، ولكن في حال ذهبنا إلى حسن صياغة اقتراح قانون يشمل كل من سيتبوأ مستقبلا موقع قائد الجيش ، هذا يجنب أي قانون إمكانية الطعن أمام المجلس الدستوري . اما لجهة امكان أن يكون هذا القانون، في حال صدر، عرضة للطعن أمام المجلس الدستوري، فيحق لعشرة نواب أو أكثر التوجه إلى المجلس وتقديم طعن ولكن تقديم الطعن لا يعني بالضرورة قبوله من قبل المجلس ، عندها يتم الاحتكام إلى المجلس الدستوري كي يبت دستورية التشريع أو عدم دستوريته مؤكدا وفي الختام أنه يفترض أن يكون التشريع شموليا وعموميا وإن لا يكون افراديا أو شخصيا .وهكذا يبدو أن أمام النواب اختبار التشريع والسير بقانون شمولي كي يدخل التمديد حيز التنفيذ. ينتظر أن تتبلور الصورة النهائية قريبا وسط الاشتباك السياسي الحاصل حيال هذا الملف .