كتب الان سركيس في” نداء الوطن”: مع إعلان حركة «حماس» تأسيس «طلائع طوفان الأقصى» ودعوة المخيمات الفلسطينية في لبنان للإستجابة، عادت إلى الأذهان تجربة «فتح لاند». وتتخوّف جهات لبنانية سياسية وأمنية ورسمية من تكرار تجربة «فتح»، واتساع الرقعة وعدم إقتصار ساحة الجنوب على لاعب واحد هو «حزب الله». وإذا كانت الأجهزة الأمنية تراقب نشاط المخيمات الفلسطينية وعمل الجماعات الإسلامية وغير الإسلامية فيها، إلا أنّ تكرار تجربة «فتح لاند» بـ»حماس لاند» تبدو صعبة للغاية. ويختلف الوضع السنّي اليوم جذرياً عن فترة ما بعد 1967، لذلك لم تُعلّق الغالبية الساحقة من القيادات السنّية مرحّبة بإعلان حركة «حماس»، ولم تجتح التظاهرات المدن والبلدات لدعم هذه الخطوة. المطّلعون على أجواء دار الفتوى، يؤكدون أنّ الدار مع كل نشاط أو تحرّك نصرةً لغزة ولفلسطين، لأنها القضية الأم، لكن هذا التحرّك حدوده إحترام سيادة الدولة وقرارها بالسلم والحرب، فأي عمل سواء كان عسكرياً أم غير عسكري يجب حصوله تحت راية وقيادة الدولة اللبنانية والأجهزة الأمنية. تتابع دار الفتوى أوضاع المخيّمات الفلسطينية، وهي على إتصال بالسلطة الوطنية الفلسطينية وحركة «حماس»، لكنها تخاف إدخال لبنان في مسلسل الفوضى الذي يخدم إسرائيل، فتسلّح الفلسطينيين قد لا يوصل إلى أي مكان ويخلق جزراً أمنية، وقد نشهد في أي مخيّم ما حصل في «عين الحلوة» في الصيف الماضي، وبالتالي السلاح قد يُستخدم في صراع الإخوة مثلما حصل داخل الأراضي الفلسطينية بين حركتَي «فتح» و»حماس»، وعندها سيذوق الشعبان اللبناني والفلسطيني الكأس المرة مجدداً. إذاً، لدار الفتوى موقف واضح في دعم القضية الفلسطينية وأهل غزة، واحترام السيادة اللبنانية وعدم نشر الفوضى والسلاح، وهذا الموقف تُلاقيه الغالبية الساحقة من القوى السياسية السنّية، التي ترفض منطق استباحة الدولة والسيادة اللبنانية، وتشكيل «حماس لاند». وتتخوّف قوى سياسية سنّية معارضة ووسطية من استعمال هذا السلاح ليس لتحرير فلسطين، بل لقلب موازين قوى الداخل وبسط محور «الممانعة» سيطرته على الساحة السنّية، مستغلاً العاطفة تجاه القضية الفلسطينية من جهة، وغياب المرجعية السنّية الواحدة. ويعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الممثل الأول للسنة في الدولة وهو ضدّ إستخدام الجنوب ساحة، وموقفه واضح في هذا المجال عكس القيادات السنية التي أيّدت العمل الفدائي في أثناء الحرب. وتكثّفت الإتصالات في الساعات الماضية لوضع خريطة طريق ومواجهة أي تحوّل يمكن أن يجرّ المخيّمات الفلسطينية ولبنان إلى الفوضى العارمة، مع التأكيد على الرفض المطلق لزرع مزيد من «الدويلات داخل الدولة».