ما علاقة طلائع طوفان الأقصى بأحداث عين الحلوة؟

6 ديسمبر 2023
ما علاقة طلائع طوفان الأقصى بأحداث عين الحلوة؟


قبل عملية “طوفان الأقصى”، التي نفذّتها كتائب “القسام” التابعة لحركة “حماس”، شهد مخيم عين الحلوة اشتباكات دامية بين عدد من الفصائل الفلسطينية، على خلفية تمكين “الحماسيين” من السيطرة على أمن المخيم، بدعم واضح، وإن غير معلن، من “حزب الله”، الذي نفى أكثر من مرّة أي علاقة له بما كان يجري داخل المخيم من عمليات تصفية داخلية بين الفصائل الفلسطينية المتناحرة.  

Advertisement

وبعد مرور شهرين إلا يومين على الحرب المفتوحة على غزة أعلنت حركة “حماس” في لبنان عزمها على تأسيس “طلائع طوفان الأقصى”، الهدف منه “أن يعتمد الشعب الفلسطيني على نفسه في الدفاع عن قضيته وتحرير الأرض والعودة”، كما قيل أو كما سيُقال لتبرير هذه الخطوة، “التي لا تتعارض مع السيادة اللبنانية”، والتي تنسجم مع أهداف “المقاومة الإسلامية”، التي تقاتل الإسرائيليين انطلاقًا من جنوب لبنان دعمًا “لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة واسنادًا لمقاومته الباسلة والشريفة”.  
وبغضّ النظر عمّا يتعرّض له “الغزاويون” من إبادة جماعية ومن تهجير قسري ممنهج، مع ما يلاقونه من دعم حقيقي وصادق من جميع اللبنانيين من دون استثناء، لأنهم خبروا معنى هذه المعاناة، ولكنهم لن يستطيعوا في الوقت نفسه أن ينسوا ما حلّ بهم من جراء تشريع اتفاق القاهرة في العام 1969 للعمل الجهادي الفلسطيني من داخل الأراضي اللبنانية ضد العدو الإسرائيلي، وما استتبع هذا “التشريع” من استباحة للسيادة اللبنانية، يوم قيل إن طريق القدس تمرّ بجونية، ويوم سمحت “منظمة التحرير الفلسطينية” لنفسها بتجاوز ما جاء في هذا الاتفاق من بنود، الذي يعتبره كثيرون أنه كان السبب الأساسي لما عاناه لبنان طيلة عشرين سنة من حرب دفع ثمنها جميع اللبنانيين دمًا ودموعًا وقهرًا وتشريدًا وفرزًا طائفيًا. 
ولو لم يعتبر الفلسطينيون يومها أن لبنان يمكن أن يكون “الوطن البديل”، وبدأوا يتصرّفون فيه على هذا الأساس لما اندلعت الحرب في لبنان، التي لم تبدأ في 13 نيسان من العام 1975، بل قبل ذلك بأعوام، يوم استباح الفلسطينيون كل المحرمات. 
قد لا يكون الهدف من خطوة تأسيس “طلائع طوفان الأقصى” إدخال لبنان في متاهات جديدة تُضاف إلى ما يعانيه في الأساس من مشاكل لا تُعدّ ولا تُحصى، ولكن لا يمكن أن يُطلب من اللبنانيين ألاّ ينفخوا على اللبن وهم المكتوون من الحليب. فالأحداث الدامية التي عاشها اللبنانيون بطريقة أو بأخرى لا تزال حاضرة أمام أعينهم، وهي التي تركت في أجسادهم ونفوسهم ندوبًا من الصعب أن تُنسى أو أن تُمحى بسهولة. 
فتوقيت هذه الخطوة لم يكن اختياره “بريئًا”، لأنه جاء متزامنًا مع احتدام النقاش اللبناني – اللبناني بالنسبة إلى أحقية “حزب الله” في امتلاكه حصرية “قرار الحرب والسلم”، خصوصًا أن ثمة فئة لبنانية تعتبر أن العمليات التي تقوم بها “المقاومة الإسلامية” في الجنوب، اسنادًا للمقاومة الغزاوية، قد تجرّ لبنان غصبًا عنه إلى حرب شاملة شبيهة بالحرب المدّمرة، التي يشنّها العدو ضد “الغزاويين”، الذين يتعرّضون لأبشع أنواع الحروب التدميرية والتصفوية.   
فانخراط “حماس” الميداني في المواجهات مع إسرائيل منذ الثامن من تشرين الأول الماضي الى جانب “حزب الله” شكل انزلاقًا شديد الخطورة في إشراك تنظيم فلسطيني في القتال الى جانب “حزب الله” الذي يعتبر أن نشاطه “المغطىً شرعيًا” مبدئيًا لا ينسحب على تنظيم فلسطيني أساسًا.  
ولعل الأخطر في هذا الانزلاق انه سيضع “حزب الله”، وهو حليف “حماس” امام أسئلة ساخنة ومصيرية ليس من خصومه، بل من حلفائه وبيئته أيضًا، عما إذا كان موافقًا على قبول هذه الخطوة وتداعياتها المنذرة بكل التحدي للدولة والجيش والأمن والشرعية قاطبة، خصوصًا أن هذه الخطوة جاءت متزامنة مع ما يتعرّض له “الحزب” من ضغوطات دولية لإقامة منطقة عازلة في الجنوب بعد إدخال تعديلات على القرار 1701.