التهديدات تتزايد… هل إسرائيل قادرة فعلاً على تسويّة لبنان بالأرض؟

14 ديسمبر 2023
التهديدات تتزايد… هل إسرائيل قادرة فعلاً على تسويّة لبنان بالأرض؟


ازدادت التهديدات التي أطلقها وزراء ومسؤولون إسرائيليّون في الأيّام الأخيرة، تجاه لبنان، وقد لوّحوا بتوجيه ضربات قاسيّة إلى بيروت واللبنانيين، إنّ انخرط “حزب الله” أكثر في الحرب الدائرة في غزة، وكثّف من وتيرة هجماته على المواقع الإسرائيليّة عند الحدود الجنوبيّة، مع فلسطين المحتلّة. وتأتي هذه التحذيرات من قبل العدوّ، مع سعي تل أبيب لتعديل القرار 1701، ودفع “المقاومة الإسلاميّة” إلى شمال الليطاني، وقد قال في هذا السياق بنيامين نتنياهو، إنّه مستعدّ لفرض هذا الأمر، حتّى لو اضطرّ إلى استخدام القوّة العسكريّة.

Advertisement

 
وكان لافتاً أيضاً، تحليق الطائرات الحربيّة الإسرائيليّة فوق بيروت، ومختلف المناطق اللبنانيّة، وقد رأى محللون عسكريّون في هذا الإطار، أنّ العدوّ يُوجّه رسائل عديدة إلى اللبنانيين، و”حزب الله” بشكل خاصّ، من أنّه قادرٌ على الوصول لكافة الأراضي اللبنانيّة، وقصفها، وحتّى “تسويتها بالأرض”، بحسب تعبير أحد وزراء الحرب في الحكومة الإسرائيليّة. ويُضيف المحللون أنّ التهديدات الإسرائيليّة غير واقعيّة، ويُراد منها فقط إستعراض القوّة الجويّة والعسكريّة لتل أبيب.
 
ويوضح المحللون العسكريّون أنّ إسرائيل لا تستطيع أنّ تخوض حرباً، أو أنّ تفرض قرارات دوليّة على لبنان و”حزب الله”، لأنّ هذا يعني إنفجار الوضع الأمنيّ بينها وبين “المقاومة الإسلاميّة”، في الوقت الذي تحثّ فيه الدول الغربيّة، وعلى رأسها الولايات المتّحدة الأميركيّة، على إيقاف الحرب في غزة، كيّ لا يتمدّد النزاع إلى لبنان، والإكتفاء بتبادل الأسرى.
 
ويُتابع المحللون ان إسرائيل ضعيفة، وقد أنهكتها الإنقسامات السياسيّة، وزادت المشاكل والتباينات بين نتنياهو والجيش الإسرائيليّ، وخصوصاً وأنّ أهداف العمليّة العسكريّة في غزة لم تنجح، وفشلت تل أبيب في تحرير أيّ من رهائنها لدى “حماس” بالقوّة، وقد خسرت البعض منهم، إضافة إلى مقتل جنودها أثناء مُحاولتهم إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، داخل الأنفاق.
 
ووفق المحللين، فإنّ تهديدات الإسرائيليين الهدف منها الضغط على اللبنانيين، لمطالبة “حزب الله” بوقف أعماله القتاليّة في جنوب لبنان، والتقيّد بالقرار 1701. ويلفتون إلى أنّ أيّ حرب مستقبليّة على لبنان، لن تقدر فيها تل أبيب على القضاء على قوّة “الحزب”، ولا على إنهاء دوره العسكريّ، وقد حاولت سابقاً في العام 2006 هذا الأمر، وفشلت، وضاعف الأخير من ترسانته الصاروخيّة، وتجهيزاته الحربيّة.
 
وفي ما يتعلّق بالـ1701، والحديث عن تعديله، يرى المحللون العسكريّون أنّ بمجرّد وقف إطلاق النار في غزة، تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل 7 تشرين الأوّل الماضي، في جنوب لبنان، وتتوقّف الإشتباكات بين الجانبين اللبنانيّ والإسرئيليّ، ويُطبّق القرار الدوليّ فقط عبر التهدئة، لكن خروقات العدوّ ستستمرّ من جديد، عبر البحر والجوّ والبرّ، وسيُكمل “حزب الله” في نقل الأسلحة والأعتدة إلى الخطوط الأماميّة، وتجهيز نفسه أكثر لأيّ مواجهة مع تل أبيب.
 
ولا يستبعدّ المحللون أنّ تزيد إسرائيل من وتيرة إستفزازاتها أو عرض عضلاتها في الأجواء اللبنانيّة، وخصوصاً بعيداً عن المناطق الجنوبيّة، وهنا الحديث عن بيروت، وربما بلدات بقاعيّة وشماليّة، للقول إنّها حاضرة وجاهزة كيّ تطال ضرباتها مختلف الأراضي، وخصوصاً حيث الوجود الشيعيّ، والبيئة الحاضنة لـ”حزب الله”، التي نزحت من الجنوب، وهي حاليّاً في الضاحيّة الجنوبيّة بأغلبيتها.
 
ويقول المحللون إنّ تل أبيب تعمل على التأثير نفسيّاً على اللبنانيين، الذين يمرّون بضائقة إقتصاديّة خطيرة، وهي من خلال تهديداتها تُريد القول إنّها قادرة على تعميق مشاكل اللبنانيين، عبر تدمير البنى التحتيّة، من كهرباء وطرقات وجسور وشركات توزيع المياه، علماً أنّها متهالكة، وبحاجة لإعادة تأهيل وإصلاح، إضافة إلى أنّ فرض حصارٍ بحريّ وجويّ، من شأنه أنّ يحرم اللبنانيين من المواد الغذائيّة، وهكذا تكون قد ساوت لبنان بفلسطين.
 
ويختم المحللون قولهم إنّ لا قرار أو غطاء دوليّاً لهكذا أعمال إسرائيليّة ضدّ لبنان، لأنّ الدول الغربيّة وعلى رأسها فرنسا وأميركا، تعمل على استقرار الوضع السياسيّ والأمنيّ في بيروت، لأنّها لا تُريد إنهيار البلاد أكثر، وتدعو اللبنانيين إلى الإسراع في انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة، وتشكيل حكومة جديدة، ودعم القوى المسلّحة، إنّ عبر المساعدات، او عبر الأعتدة العسكريّة.
 
ويُضيف المحللون أنّ أيّ حرب قد تُدمّر لبنان، لن تسلم من تداعياتها الكارثيّة إسرائيل أيضاً، التي ستشهد ضرراً كبيراً، سيطال ليس فقط مستوطناتها القريبة من الحدود الجنوبيّة، وإنّما تل أبيب، ومنطقتها الإقتصاديّة في حيفا، ومطاراتها، وسط خشية أميركا والدول العربيّة والأوروبيّة من شلّ حركة السفن التجاريّة في البحر الأحمر، ومضيق هرمز، أيّ أنّ نتائج الحرب ستكون سلبيّة جدّاً على كافة دول العالم، وقد تستفيد منها فقط روسيا، التي تخوض حرباً في أوكرانيا.