قبل أيام، جدد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من جنيف دعوته المجتمع الدولي الى معالجة أزمة النزوح بجدية وقال: “لن نبقى مكتوفي الايدي ونتلقى الازمات المتتالية وأن يعتبرنا البعض مشاريع أوطان بديلة، بل سننقذ وطننا وسنحصن انفسنا لاننا أصحاب الحق اولا واخيرا في العيش بوطننا بعزة وكرامة”.
وأضاف: “اللبنانيون برفضون أن يبقى هذا الجرح نازفا في خاصرتهم ومن حقهم أن يتخذوا الاجراءات التي يرونها مناسبة لحماية وطنهم وأنفسهم، وهذه الخطوات تبدأ بعودة النازحين السوريين الى بلادهم وتوقف المنظمات الدولية عن اغرائهم للبقاء في وطننا. فليتوجه الاهتمام الدولي بالنازحين نحو عادتهم الى المناطق المستقرة في سوريا، ولتقدم لهم المساعدات في وطنهم. وبالتوازي فالمطلوب العمل على وضع خطة شاملة تعالج الأسباب الجذرية للأزمة السورية وتضمن العودة الآمنة والطوعية للاجئين إلى وطنهم. ويجب أن تعطي هذه الخطة أيضًا الأولوية لدعم وإعادة إدماج اللاجئين السوريين في سوريا”.
في هذا الاطار، ولان الهجرة الجديدة التي يشهدها لبنان اقتصادية الابعاد، مما يضيف اعباء جديدة على لبنان، فاننا نقترح اعتماد تصنيف علمي يميز بين العمال السوريين والمهجرين كلاجئين، ووضع آلية وطنية لتحديد الوضعية القانونية لكل نازح سوري في لبنان، إلزام أصحاب العمل في القطاع الخاص بالالتزام بشروط توظيف العمال السوريين بطريقة تقلل من المنافسة مع الكفاءات اللبنانية”.
وبينما يناقش مجلس الوزراء دوريا ملف النازحين، تتم ايضا متابعة الملف عبر اللجنة الوزارية الخاصة للوقوف عند الإجراءات التي كلّفت بها أكثر من وزارة.
ربطا باجتماع ميقاتي مع المعنيين من الوزراء والأمنيين، والعسكريين لضبط الحدود والمعابر الشرعية وغير الشرعية ينظم” التيار الوطني الحر” غدا مؤتمر “منتدى البلديات حول النزوح السوري: الإستقرار الإجتماعي: إعادة النازحين بتطبيق القانون وتحفيز البلديات” وذلك في مركز “لقاء” – الربوة، من الساعة 10 صباحاً حتى الواحدة ظهراً.كان من المفترض أن ينعقد المؤتمر في تشرين الاول الماضي إلا أن الحرب على غزة دفعت المنظمين الى تأجيله، كما يؤكد عضو “تكتل لبنان القوي”النائب جورج عطالله لـ “لبنان 24″، خاصة وأن المؤتمر كان سيشهد مشاركة وزارية أردنية ومشاركة رؤساء بلديات أردنية أيضاً، نظراً إلى أن المقاربة الأردنية لكيفية تنظيم النزوح السوري يمكن الاستفادة منها، مع الإشارة الى احتمال أن يشارك عبر تقنية زوم أو سكايب رؤساء بلديات من الأردن أو دول اخرى معنية بأزمة النزوح.يفتتح المؤتمر بجلسة عن “النزوح: أزمة وجود بأبعاد خارجية وداخلية – دور البلديات، وستكون فيها كلمة لرئيس”التيار” النائب جبران باسيل، ومن ثم كلمة لوزير الشؤون الإجتماعية هكتور حجار وممثل وزير الخارجية والمغتربين الياس نقولا.وتشمل أعمال المؤتمر جلستين، الأولى بعنوان “النازحون والعمال والعائلات”: مسؤولية البلديات والأجهزة الأمنية”، والثانية بعنوان “النازحون وبيئة العمل: مسؤوليات البلديات وأصحاب العمل”. ويتحدث في الجلستين وزير العمل، محافظا بعلبك والبقاع – رؤساء بلديات من بعلبك، المتن (الغبيري، الدكوانة، إيعات…) – ممثلون عن الهيئات الاقتصادية جاك صراف – محمد شقير بشارة الأسمر للإضاءة على دور ارباب العمل والإتحاد العمالي العام ويختتم المؤتمر بإعلان التوصيات.ويأتي المؤتمر في إطار جهود “التيار الوطني الحر” المستمرة وخطواته العملية لمواجهة معضلة النزوح و التشجيع على عودة القسم الأكبر من النازحين وتحديداً العائلات، بحسب ما يؤكد عطالله، لا سيما وأن التيار نظم أكثر من مؤتمر في هذا الشأن في عدد من الاقضية أبرزها الكورة وجبيل وكسروان فضلا عن لقاء مع رؤساء بلديات في مركز “التيار” في ميرنا الشالوحي، وهو يمد اليد لكل القوى السياسية من أجل التعاون في هذا الملف الذي يفترض ان لا يكون عرضة للمناكفات والخلافات السياسية نظرا لخطورته على لبنان.وينطلق التيار الوطني الحر في مقاربته من أبعاد الأزمة لجهة تحليل مخاطر النزوح السوري ومستوى التهديد الذي يشكله على لبنان بعد اندلاع الحرب في غزة وتحديد الأبعاد الداخلية وتأثيرها على المجتمع والاقتصاد اللبنانيين، وتحديد الأبعاد الخارجية لأزمة النزوح السوري، وسيتم شرح خلفيّات المواقف الدولية، الأوروبية بشكل خاص، الرافضة لعودة النازحين والإضاءة على الجهد الديبلوماسي اللبناني.إن أهمية هذا المؤتمر تكمن في مشاركة البلديات التي يقع عليها دور كبير في تنظيم الوجود السوري أيضا في نطاقها، ومن هنا فإن المؤتمر سوف يركز على تحديد واقع الوجود السوري في لبنان بين نازحين وعمّال وعائلات تحديد صلاحيات المحافظين وحدود تدخّلهم والإضاءة على تجربة المحافظين في المحافظات اللبنانية الأعلى كثافة بالنزوح.
سوف يسلط رؤساء البلديات المشاركون في المؤتمر الضوء على الدور الذي تلعبه البلديات في إطار القوانين اللبنانية ومذكرات التفاهم بين السلطات اللبنانية والمنظمات الدولية، وسوف تتم الدعوة لإعادة النظر في الصلاحيات الواسعة الممنوحة لرؤساء البلديات بموجب المادة 92 من قانون البلديات اللبناني كما سيتحدث رؤساء البلديات المشاركة عن تجاربهم في التعامل مع ملف النزوح مع تحديد الاجراءات التي تتخذها البلديات التي أقيمت فيها مخيّمات للنازحين، والاهم سوف يفند هؤلاء مآل الاوضاع في نطاقهم البلدي لا سيما ما يتصل بالبنية التحتية في البلديات وبرامج الدعم المستقبلية مع تحليل الآثار والكلفة المالية التي تتحملها البلديات نتيجة النزوح وسوف تتم الإضاءة على مستوى التعاون القائم بين البلديات والأجهزة الأمنية.
وسوف يؤكد رؤساء البلديات أيضا التزام البلديات بتنفيذ منشورات وزارة الداخلية وخاصة المتعلقة بتقييد عمل الجمعيات المحلية والدولية ومنع قبول أي نوع من الهدايا المتعلقة بالنازحين، مع التأكيد على ضرورة التحقق من أدوار ومسؤوليات الشرطة البلدية في إدارة القضايا القانونية والأمنية المتعلقة بملف النزوح.اذن المطلوب ليس المواجهة مع النازحين، بل تنفيذ القوانين والالتزام بها وتطبيقها من قبل القضاء والاجهزة الامنية وحتى السلطات المحلية يؤكد عطالله، لأن من واجبات الدولة حماية مواطنيها وفرض تطبيق قوانين العمل، وعدم السماح للنازحين بممارسة أي عمل، هذا فضلا عن أهمية العمل على قطع الطريق على اي محاولات خارجية ودولية لابقاهم في الدول المضيفة. وفي هذا السياق يذكر عطالله باقتراح قانون تقدم به يمنع إعطاء مكتومي القيد من مواليد عام 2011 وما بعد الجنسية اللبنانية ربطاً بـشهادات مكتومي قيد يبيعها مخاتير لمواليد النازحين السوريين، لأن في ذلك تجنيسا مبطناً، نظرا الى أن أعداد الولادات تزداد بوتيرة سريعة في صفوف النازحين السوريين، وبالتالي فإن عدم تسجيل عدد كبير منها لا في لبنان ولا في سوريا، يضعهم في خانة مكتومي القيد مع مكتومي قيد ذوي أصول لبنانية، ما يسمح بإعطائهم الجنسية اللبنانية.
المؤتمر الذي يتحدث خلاله وزير العمل مصطفى بيرم سوف يأتي على تحديد وضع النازحين السوريين في ضوء قانون العمل اللبناني واقتصار مجالات عملهم في أعمال البناء والزراعة والنظافة، وتحديد نسب التزام المؤسسات اللبنانية بمجالات عمل النازحين السوريين، ومدى تأثير أزمة النزوح السوري على العمالة اللبنانية من خلال تحديد نسبة البطالة بين اللبنانيين والإضاءة على النسب المسموحة في توظيف غير اللبنانيين على ضوء نصوص قانون العمل اللبناني، مع استكشاف الدور الذي تضطلّع به وزارة العمل والإضاءة على القرارات التي تحمي الي العاملة اللبنانية في ضوء أزمة النزوح السوري، ربطا بتقييم مستوى ملاحقة الأجهزة البلدية لمدى الالتزام بعمالة السوريين في مجالات البناء والزراعة والنظافة دون سواها.
اما كلمات الهيئات الاقتصادية، جمعية الصناعيين، وغرفة التجارة والصناعة، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، والاتحاد العمالي العام فسوف تركز على اهمية دورها في مراقبة العمالة السورية في المؤسسات اللبنانية وضبطها و مواجهة المنافسة غير المشروعة على العمالة اللبنانية مع تقييم اجراءات المستثمرين اللبنانيين ومدى التزامهم بتوظيف اليد العاملة اللبنانية.لا شك أن ما تقدم يتسم بأهمية كبيرة، لكن لا بد وأن يسبقه تعزيز التعاون والتنسيق مع القوى الأمنية والجيش لمنع التسلّل عبر المعابر الحدودية غير الشرعية والمساعدة في التعرف على الأفراد من بين النازحين الذين لا يملكون الوثائق القانونية و الضغط على الجهات المانحة ووكالات الأمم المتحدة من أجل تعزيز برامج إعادة التوطين في بلدان ثالثة ودفع الجهات المانحة إلى إنشاء مسارات تكميلية،اقتراح تشريعات في المجلس النواب لمنع التجنيس المقنع أو التوطين الدائم في البلديات، إشراك الأطراف السياسية اللبنانية في الخطة، خصوصاً أن الشعب اللبناني موحد حول هذه القضية، وحث الحكومة اللبنانية على تنفيذ خطة عودة النازحين السوريين لعام 2020 وتسهيل أي مبادرة للعودة، وهذه ابرز التوصيات التي ستصدر عن المؤتمر.