كلن يعني كلن.. هل وجّه باسيل رسالة امتعاض إلى حزب الله؟

20 ديسمبر 2023
كلن يعني كلن.. هل وجّه باسيل رسالة امتعاض إلى حزب الله؟


 ليس خافيًا على أحد أن رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل لم يكن مرتاحًا للمشهد الذي انتهت إليه الجلسة التشريعية التي أقرّ خلالها النواب التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون، بعيد الهجوم غير المسبوق الذي شنّه عليه، واتهمه فيه بـ”خيانة الأمانة وقلة الوفاء ومخالفة القانون”، ولا سيما أنّ الأمر بدا بمثابة “هزيمة” لباسيل، الذي حوّل الأمر طيلة الأسابيع الماضية إلى معركة “حياة أو موت”.

Advertisement

 
سريعًا، كرّس باسيل هذا الانطباع، في كلمة له خلال افتتاح مؤتمر “منتدى البلديات حول النزوح السوري”، في اليوم التالي لجلسة مجلس النواب، حيث اعتبر التمديد استمرارًا لما وصفها بـ”المؤامرة”، معتبرًا أنّ الجميع باستثناء “التيار الوطني الحر” رضخوا لها، مستخدمًا المقولة الشهيرة التي لطالما انتقدها، “كلن يعني كلن” للإشارة إلى المسؤولية الجماعية، ولو تحدّث عن “فروقات” بين هذا الفريق وذاك.
 
ولعلّ اللافت في كلام باسيل الذي صوّب فيه على كل الأطراف، “كلن يعني كلن” وفق توصيفه، أنّه لم يستثنِ من هجومه “حزب الله”، ما فُهِم على أنّه رسالة “امتعاض” إلى الحزب، على الرغم من أنّ نواب كتلة “الوفاء للمقاومة” انسحبوا من الجلسة التشريعية قبل إقرار التمديد لقائد الجيش، فهل أراد باسيل القول إنّ خطوة “حزب الله” لم تكن مقنعة بالنسبة إليه؟ وهل يؤدي ذلك إلى “قطيعة” أخرى مع الحزب، بعد انفراجة “نسبية” في العلاقات؟
 
مسؤولية “حزب الله”
 
بالنسبة إلى المؤيدين لباسيل، فإنّ موقف “حزب الله” خلال الجلسة التشريعية يمكن أن يندرج في خانة “وسطية”، إن جاز التعبير، فهو من ناحية يعبّر بصورة أو بأخرى عن أولئك الذين يريدون “مراضاة” باسيل، كما أوحى رئيس “التيار” في تغريدته التي دوّنها تزامنًا مع الجلسة، وهو ما يُفهَم من خروجه من القاعة العامة، لكنه من ناحية ثانية، لم يشارك في حملة “التيار” على قائد الجيش، بل بدا حريصًا على “تحييد” نفسه عنها، وتأكيد متانة العلاقة مع عون.
 
من هنا، يبدو هؤلاء مقتنعين بأنّ التمديد لقائد الجيش ما كان ليحصل لو لم يحظَ بموافقة ولو “ضمنية” من جانب “حزب الله”، علمًا أنّ مؤشّرات عدّة أكّدت أنّ الحزب مؤيد للتمديد، بدءًا من صمته طيلة الفترة الأخيرة التي اشتعل فيها السجال في البلد حول الأمر، وصولاً إلى طريقة خروجه من الجلسة، وقد ضمن سلفًا أنّ نصابها لن يطير، بوجود من يملأ مكانه، من النواب المستقلين والمعارضين “المتأهّبين والمستنفرين” لمثل هذه اللحظة.
 
أكثر من ذلك، يقول المتحمّسون لوجهة نظر باسيل والمحسوبون عليه، إنّ ما يدلّ على أنّ خطوة “حزب الله” كانت شكليّة ليس إلا، هو أنّ خروج نوابه من القاعة العامة قبل طرح ملف التمديد كان عبارة عن “خطوة فردية”، بدليل أنّ حلفاءه المقرّبين الذين “يَمون” عليهم الحزب جيّدًا كما يدرك القاصي والداني، بقوا في أماكنهم، وصوّتوا لصالح التمديد، ومن بين هؤلاء نواب حركة أمل وتيار المردة، وغيرهم.
 
هل تتأثر العلاقة الثنائية؟
 
وعلى الرغم من وجود “اجتهادات” أوحت بأنّ موقف “حزب الله” كان منسَّقًا بشكل أو بآخر مع “التيار الوطني الحر”، وأنّه أبلغ سلفًا قيادة “التيار” بأنّه لا يمكن أن يجاريه في الهجوم على قائد الجيش، لحساسية الأمر ودقّته بالنسبة إليه، خصوصًا في ظلّ الظروف الدقيقة والاستثنائية التي تشهدها “جبهة” جنوب لبنان، فإنّ العارفين يؤكدون أنّ كلام باسيل بعيد الجلسة حمل ضمنًا رسالة “امتعاض”، أو بالحدّ الأدنى، “عتب” باتجاه الحزب.
 
لكن، هل يصل هذا “العتب” إلى حدّ الدخول في “أزمة” جديدة بين التيار والحزب، يمكن أن تتطوّر إلى حدّ “القطيعة”، بعد الانفراجة النسبية التي شهدتها العلاقات بعيد عملية “طوفان الأقصى”؟ حتى الآن، لا يبدو أنّ هناك إجابة “يقينية”، في ظلّ تفاوت وجهات النظر داخل “التيار” نفسه وفق ما يقول العارفون ، الذين يتحدّثون عن انقسام “عوني” في مقاربة موقف “حزب الله”، وكيفية التعاطي معه في المرحلة المقبلة.
 
يقول العارفون إنّ ما لا شكّ فيه أنّ ثمة جناحًا داخل “التيار” يدفع نحو إعلان “الطلاق النهائي” هذه المرّة مع الحزب، باعتبار أنّ التفاهم معه لم ينفع باسيل، لا في الاستحقاق الرئاسي، ولا في استحقاق قيادة الجيش، لكنّهم يشيرون إلى أنّ الجناح الآخر يبدو “الغالب” حتى الآن، وهو يدعو إلى التعاطي مع موقف الحزب بمرونة أكبر، وتقدير “حسن النيّة” التي أبداها حين انسحب من الجلسة، تضامنًا مع باسيل، ولو بدا “شكليًا”.
 
ثمّة من يذهب أبعد من ذلك، ليقول إنّ “التيار” لا يمكن أن يعود إلى مرحلة “القطيعة” مع الحزب، لأسباب “مصلحية” بالدرجة الأولى، إذ إنّ استحقاق قيادة الجيش أظهره في خانة “المعزول والمتروك”، فمرحلة “التقاطع” مع المعارضة ولّت إلى غير رجعة، وبالتالي فهو سيحتاج إلى دعم “حزب الله” في الاستحقاقات المقبلة، الصغيرة منها والكبيرة، على الأقلّ لمواجهة ما وصفه بنفسه بسياسة “النكاية بالتيار” التي يعتمدها الجميع!