كتب مجد بو مجاهد في “النهار”: تتأرجح وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية في حكومة تصريف الأعمال ما بين تحديات واستمرارية، في وقتٍ يبدو مضمون أوضاعها أشبه بنصف كوب ملآن ونصفٍ آخر فارغ خصوصاً وسط معطيات عن غياب التمويل وانتفاء القدرة التنفيذية للمشاريع، بعدما كانت هذه الوزارة تتغذّى سابقاً على مساندات مالية خارجية من قروض وهبات، ما لبثت أن توقّفت في المرحلة التالية لتعليق حكومة حسان دياب سداد الديون المستحقة. ويتّضح بدءاً من ملاحظة “فجوة” الحال المكفهرّة المشكّلة للنصف الفارغ، أنّ مرحلة التنفيذ على الأرض غير متاحة في وزارة شؤون التنمية الإدارية نتيجة ما يلحظ مطلعون وثيقون على فحوى أروقة حقيبة الدولة الوزارية، أنه بمثابة انعدام تمويليّ. وينطبق واقع المراوحة هذا على غالبية الأوضاع اللبنانية العامة طالما تغيب ثقة الجهات المانحة في نمط الدولة اللبنانية السائد وسط تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وعدم انتظام عمل المؤسسات وانتفاء تطبيق الإصلاحات والافتقار إلى الأسس العلمية وانحسار الاستقرار السياسي في لبنان. وإذا كانت حقيبة التنمية الادارية التي لطالما اعتُبرت تاريخياً في مراتب لاحقة وغير أساسية على مستوى الاعتناء السياسي والحكومي اللبناني بها، فإنّ التساؤلات موجودة حول إذا كان دور الوزارة بات شكلياً فقط خصوصاً بعد الانهيار الاقتصادي وتأثيراته التي لفحت البلد بأكمله؟
لا يلغي عدم البلورة التنفيذية للمشاريع أن ثمة خطة توجيهية يُعمل عليها في الوزارة، بحسب المعطيات التي استقتها “النهار”، هدفها الأساسي الوصول إلى منصة حكومية تُضبط فيها كلّ إدارات الدولة… لكن لا قدرات تنفيذية حالياً. في غضون ذلك، هناك مواضيع مكثّفة تعنى الوزارة في الاهتمام بها، من خلال مساعٍ شخصية تضطلع بها وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية في حكومة تصريف الأعمال نجلا الرياشي، بدءاً من تولّي “رأس الوزارة” لموقع نيابة رئاسة لجنة مكافحة الفساد ورئاسة اللجنة الفنية لمكافحة الفساد، ما يجعل دور هذه الوزارة طليعياً في مكافحة الفساد، علماً أنّها تكاد تُعتبر مهمة شبه مستحيلة في ظلّ ما يعانيه البلد من سيطرة واضحة للنمط الفاسد على الحكم في لبنان. وثمة توجّسٌ على مستوى أجواء وزيرة التنمية الإدارية من أن تبقى المساعي من دون أفق. وتجدر الإشارة إلى أنه سبق للبنان أن أقرّ استراتيجية وطنية لبنانية لمكافحة الفساد، ووضعت هذه الاستراتيجية خطة عمل لكنّها بقيت من دون تطبيق داخل الإدارات اللبنانية. وهنا، تسعى وزارة شؤون التنمية الإدارية إلى تطبيق استراتيجية مكافحة الفساد انطلاقاً من خطوات عدّة تنطلق منها ولا تظهر حتّى اللحظة بشكل جليّ للرأي العام، لكن هناك تأكيداً على أهمية استكمال الخطوات التطبيقية لاستراتيجية مكافحة الفساد.كذلك، تُعنى الوزارة في موضوع الشراء العام مع الإشارة إلى أنّ كلّ ما يحكى عن هذا المرسوم كان بدأ العمل عليه ضمن وزارة التنمية الإدارية مع حاجة مبدأ الشراء العام إلى منصة ممكننة حصل العمل عليها في الوزارة، إلّا أنّ المساعي لم تصل إلى خواتيمها بعدما توقّف التمويل، لكنّ الأكيد، وفق المعنيين، أنّ منظومة الشراء العام باتت أكثر فعالية وموجودة بعد جهود الوزيرة نجلا الرياشي، ما حقّق نوعاً من الاستقلالية لرئيس هيئة الشراء العام جان العليّة نتيجة الأرضية التي وضعتها الوزارة. وهناك مشاريع توقفت أيضاً مع انتفاء التمويل على مستوى النظام القضائي بعد العمل مع الأجهزة الرقابية وديوان المحاسبة والتفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية لتأمين قيام الموظفين بواجباتهم والاضطلاع بمسؤولياتهم إضافة إلى كيفية تفعيل الشفافية والمساءلة.في الحديث عن “نصف الكوب الملآن” أيضاً، عملت #وزيرة شؤون التنمية الإدارية على إصدار استراتيجية التحوّل الرقميّ مع دور أساسي مرتبط بها بهدف تطبيق التحول الرقمي في لبنان، علماً أنّ إصدار استراتيجية التحول الرقمي أتى بعد 15 سنة عمل من دون إقرارها. وثمة عمل على خطة توجيهية تطبيقاً للتحول الرقمي في لبنان كمسألة جوهرية في اعتبار أن ليس في استطاعة لبنان البقاء على هامش التقدم العالمي الحاصل بالنسبة إلى التحوّل الرقمي. وهناك لقاءات عدّة تفعّل مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في الصدد، مع تأكيد المؤسسات الدولية على أن خلاص لبنان لا يتبلور من دون تحول رقمي بين كلّ الوزارات والإدارات العامة للدولة في وقت تسهر وزارة شؤون التنمية الإدارية تطبيقياً.