حزب الله… موقف ماكرون أمامه ألغام كثيرة ويقلّل من فاعلية الدبلوماسية الفرنسية

22 ديسمبر 2023
حزب الله… موقف ماكرون أمامه ألغام كثيرة ويقلّل من فاعلية الدبلوماسية الفرنسية


ألغى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته لبنان التي كان يفترض أن تحصل قبل عيد الميلاد، لأسباب عدة أبرزها الأوضاع الامنية والفراغ الرئاسي، إلا أن ماكرون يواظب على الاهتمام بالملف اللبناني سواء عبر مستشاريه لا سيما جان إيف لودريان المعني بملف رئاسة الجمهورية أو عبر وزيرة الخارجية كاترين كولونا التي زارت لبنان لساعات قبل أيام ،فضلا عن نشاط السفير هيرفي ماغرو وقبله السفيرة آن غريو  تجاه المقرات الرسمية والحزبية، توازيا مع زيارات فرنسية مفاجئة قد تحدث على غرار الزيارة التي قام بها مدير الاستخبارات الفرنسية برنار ايمييه والتي ركز خلالها، بحسب مصادر اطلعت على أجواء اللقاءات، على ضرورة التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون في حين أن الملفات الأخرى التي طرحت كانت عابرة ولم يتم التوسع بها.

منذ طرح باريس لمبادرتها الرئاسية، استحوذ الاهتمام على علاقة الإليزيه بحزب الله، مع تأكيد مصادر فرنسية في حينه أن الرئيس ماكرون يولي أهمية خاصة للتفاوض مع حزب الله وأن من يتواصلون مع الحزب يصنفون ضمن الدائرة الضيقة لماكرون الذي أيد لأشهر طويلة طرح حزب الله وحركة أمل القائم على انتخاب الوزير السابق سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية، وبقي هذا الطرح محل متابعة فرنسية إلى أن أدرك لودريان أن أفق هذا الحل متعثر لبنانيا و”خماسياً” وأن كل نقاشاته مع القوى السياسية باءت بالفشل لا سيما في ما خص الحوار، حيث بدأ الحديث في الربع الأخير من هذا العام أن باريس حاولت تحفيز القوى السياسية على الذهاب إلى الخيار الثالث إلا أن الأبواب مجدداً أوصدت في وجهها، ربما لاقتناع القيادات الأساسية أن انتخاب الرئيس ليس قريباً وأنه أصبح محكوماً بنتائج عملية “طوفان الأقصى” وما ستؤول إليه مقترحات الحل لقطاع غزة.
المؤكد أن زيارة لودريان الأخيرة إلى لبنان بعد العدوان الإسرائيلي على غزة لم تحمل أي مؤشرات جديدة على اقتراب الحل الرئاسي، فالدبلوماسي الفرنسي اكتفى بدعوة القوى السياسية إلى التفاهم وانتخاب رئيس وضرورة تجنيب لبنان أي حرب وعدم الانجرار  وراء أي استفزازات إسرائيلية. في هذه الزيارة التقى لودريان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الذي اكتفى بتكرار موقف الحزب من الملف الرئاسي، لكن اللافت في اللقاء أن البحث تناول القرار 1701 إلا أن رعد لم يعط ضيفه أي موقف في هذا الشأن من منطلق أن الحرب على غزة مستمرة وبعد أن تنتهي لكل حادث حديث، وسط معلومات جرى التداول بها أيضاً، ان نائب حزب الله عاتب لودريان على مواقف رئيسه من الحرب على غزة  ومن حركة حماس التي دعا ماكرون الى محاربتها من خلال تشكيل تحالف دوليأ اشبه بالذي شَكل لمحاربة تنظيم داعش.
مجدداً تبتعد باريس عن هامش المناورة الذي كانت تتمتع به، فبعد تشديد الرئيس ماكرون على دعم إسرائيل ودفاعه في حديث تلفزيوني طويل على القناة الخامسة، عن ثبات موقفه من حماس والحرب الإسرائيلية والذي اعتبر، لكثيرين أنه لا يتماشى مع السياسة الفرنسية التي انتهجها رؤساء كثر ابرزهم الرئيس الراحل جاك شيراك، وصف حزب الله بالإرهاب، عندما قال إن بلاده “تعمل منذ سنوات وقد عززت ذلك في الأسابيع الاخيرة، لتجنب انضمام حزب الله، المجموعة الإرهابية الأخرى الموجودة في لبنان، إلى حماس وأن تهدد توازن إسرائيل وأمنها والمنطقة بأسرها”.
وهنا يرى مصدر سياسي أن موقف ماكرون مرده انزعاج فرنسا من “حزب الله” ومن كيفية تعاطيه مع الملف الرئاسي من جهة ومع الأوضاع في الجنوب من جهة أخرى، خاصة وأنها حاولت وضغطت كثيراً لعدم دخول حزب الله في الحرب وحذرت من توسعها وركزت في الوقت نفسه عبر موفديها الى بيروت على ضرورة تطبيق القرار الدولي1701 ، مع اشارة المصدر نفسه إلى أن باريس حاولت استباق نتائج الحرب لترتيب أوضاع ما بعدها.
ما تقدم، يؤشر، بحسب مصدر مقرب من حزب الله لـ”لبنان24″ إلى أن سياسة ماكرون تتسم بالتقلب، ويسأل المصدر هل توصيف ماكرون هو موقف سياسي عابر أم أنه موقف رسمي ومقدمة لتصنيف باريس حزب الله على لوائح الإرهاب وتاليا الذهاب إلى قطيعة سياسية معه، علماً أن العلاقة بين الطرفين كانت جيدة وتتسم بالايجابية وتتم عبر السفارة في بيروت والموفدين الفرنسيين؟
وبينما يعتبر المصدر أن موقف ماكرون أمامه ألغام كثيرة ويقلل من فعالية الدبلوماسية الفرنسية في لبنان، رأى في الوقت نفسه أن هذا الموقف سوف يزعج حزب الله وسيؤدي إلى توتير العلاقة بينهما، فإذا تعامل حزب الله بالمثل، فسوف يشكل ذلك ضربة قاضية لأي دور فرنسي في المستقبل خاصة وأن الحيوية الفرنسية في السنتين الأخيرتين شكلت ركيزتها علاقتها المتميزة مع حزب الله حيث أبقته خارج لوائح الإرهاب.
وفيما يعود لودريان الى لبنان الشهر المقبل في زيارة تتحكم بها عوامل عدة على صلة بما يجري في غزة وجنوب لبنان، فإن المعلومات تشير إلى أن ماكرون يتجه إلى تشكيل خلية أزمة جديدة، بعد انتقال  المسؤول عن ملفات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الإليزية، إلى العراق بعد تعيينه سفيرا لفرنسا في هذا البلد، وابتعاد ايمييه عن هذه الخلية، وهذا مؤشر إلى أن دور باريس قد يتراجع ضمن اللجنة الخماسية، خاصة إذا قطع التواصل بينها وبين حزب الله الذي يعتبر مكونا أساسياً في البلد من المستحيل استبعاده عن أي تفاوض في الملف الرئاسي أو سواه.