من يراقب مسار الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، يرى ان هناك استحالة حقيقية في تحقيق اي من الاهداف التي تضعها كل من اسرائيل او حتى حركة حماس، وهذا ما يعقد المشهد الميداني بشكل كبير، ويجعل التسوية مرتبطة بالمعركة البرية اكثر من ارتباطه بالحراك الديبلوماسي الغربي او العربي الحاصل لوقف اطلاق النار، وهذا امر خطير في كل الحروب.
الازمة الحقيقية التي يقع فيها رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو هي انه غير قادر على إخراج حركة حماس من قطاع غزة، لذلك فقد باتت الوساطات والاقتراحات تتضمن اعتراف حماس بإسرائيل والقبول بحل الدولتين من اجل بدء مسار الهدنة ووقف اطلاق النار، لكن تل ابيب لا تبدو موافقة او مرتاحة لمثل هذه الخيارات التي لا تحقق لها اهدافها الحقيقية وحتى الاعلامية.الازمة الكبرى والتي قد تفتح باب التصعيد الكبير، هي استمرار تل ابيب بتنفيذ قرارها عسكريا، وهذا الامر سيتطلب اولا استمرار الدعم الاميركي العسكري والسياسي، وثانياً قدرة، لم تعهدها اسرائيل، على تحمل الخسائر البشرية والعسكرية في المعركة، خصوصا ان عملية استنزاف الجيش الاسرائيلي تسير على قدم وساق في غزة وجنوب لبنان.لكن في حال توفرت شروط استمرار المعركة اسرائيلياً، فإن هذه العملية ستتدحرج بشكل كبير في لحظة ما، خصوصا أنّ تحمل تل ابيب للحرب لعدة اشهر اضافية، يعني أنّ قدرة حماس على الاحتمال ستصبح اضعف بكثير بسبب عدم القدرة على ادخال السلاح الى القطاع المحاصر اولا، وثانيا لان مخزون السلاح الموجود داخل القطاع سيصبح في خطر.كما ان استمرار التدمير الممنهج سيخرج قطاع غزة من وظيفته الاستراتيجية، لانه لن يكون قابلا للحياة، وبالتالي فإن الفلسطينيين لن يعودوا اليه وهذا ما يكشف المقاومة العسكرية اكثر، وسيجعل من قيام “حزب الله” بتوسيع الحرب من الجنوب امرا منطقيا وواقعيا لدعم غزة ومنع سقوطها لانه سيعني تراجع المحور الايراني بشكل استراتيجي ليصبح لبنان خط الدفاع الأول بعد ان كان غزة…وبعيدا عن كل الحسابات التي كانت سائدة في المرحلة الاولى من الحرب، فإن مجرد تقدم الوقت واستمرار العملية العسكرية سيعني ارتفاع نسبة تدحرج المعركة من حرب في غزة الى حرب اقليمية، خصوصا ان هناك اعتقادا سائدا بأن الولايات المتحدة الاميركية ليست جدية في كبح تل ابيب وتخفيف جرعات العنف التي تمارسها من دون توقف منذ 7 تشرين الاول وحتى اليوم…