اغتنام تلاق أميركي إيراني لانتخاب رئيس!

24 ديسمبر 2023
اغتنام تلاق أميركي إيراني لانتخاب رئيس!


كتبت روزانا بو منصف في “النهار”:
 
لا معطيات أو معلومات علنية توحي بأنّ هناك ما يجري على نحو جديد وجدي بين الجانبين الأميركي والايراني على رغم الكلام على مفاوضات بعيدة من الأضواء ولكن لا يتم الحديث عنها راهناً، لا سيما في ظل التصعيد من الجماعة الحوثية باستهداف السفن في البحر الاحمر. ولكن أركان السلطة في لبنان يبنون توقعاتهم التفاؤلية او تموضعهم الاستعدادي الايجابي على خلفية ما حصل في ملف التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، اذ ان هذا التمديد لم يكن ليحصل لو عارضه “حزب الله”.

 
ولعل أهل السلطة يعتبرون ذلك التقاء موضوعياً ايجابياً ومهماً لا يستهان به ولا يجب الاستهانة به على رغم ان عناصر توفيره بدت محلية او ربما ايضا تبادلاً اميركياً ايرانياً قد يسفر في مكان ما عن فرصة للتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، اذ بدا لافتاً ما نقل زوار عن بري تحذيره من التأخر بالتوافق لإنتخاب رئيس للجمهورية اذ لا طريق خارج هذا الخيار، وتتفاقم الخسائر، وتتزايد التعقيدات، وانه لم يعد جائزاً ابقاء هذا الملف على الاطلاق في مربع “النكايات والشروط التعجيزية”.
 
فعلياً، يعد ذلك بمثابة إقرار ضمني بلعب الجميع في الوقت الضائع وعدم الجدية في مقاربة موضوع انتخاب رئيس جديد حتى الآن، إنما من دون اتضاح فرصة الذهاب الى ذلك في المدى المنظور.
 
وسبق لأهل السلطة ان راهنوا خلال سنة وشهرين من الشغور الرئاسي على محطات كثيرة كان ابرزها الاتفاق السعودي الايراني الذي حصل في اذار الماضي فيما لم يترجم ذلك على مستوى حلحلة المأزق اللبناني، وباتت الأمور رهناً، بحسب المعطيات، بحوار أميركي – إيراني يمكن أن يتيح انجاز ذلك على نار الحرب الاسرائيلية على غزة فيما ايران نأت بنفسها عن المسؤولية في عملية 7 تشرين الاول وواشنطن لم تتهمها كذلك، كما قامت ايران عبر وكلائها في المنطقة بمحاولة مشاغلة الاميركيين على خلفية المد والجزر في ما يتم بحثه اقله وفق المعطيات المتوافرة لدى اهل السلطة.
 
الرغبة في اقتناص فرصة “التلاقي” او”التبادل” الاميركي الايراني او ربما اكثر ستنفذ ايضاً عبر سيناريو داخلي لا يقل أهمية وتفاصيل عن الاحراج الذي تم من اجل التمديد لقائد الجيش، ولكن في ظل مؤشرات قلق تظل دوماً قائمة من ان يكبر الثمن لايران او وكيلها في لبنان بمقدار الاصرار الأميركي على الانتهاء من ملف الانتخابات الرئاسية في لبنان. وما هو الثمن، اذا كان من ثمن محدد، الذي حصل عليه الحزب او ربما ايران لقاء التمديد لقائد الجيش في لبنان والذي ضغطت الولايات المتحدة ودول عدة من اجل حصوله .وهناك الجانب المتصل بالمعطيات عن مفاوضات او حوار أميركي إيراني يستمر قائماً في عمان، ولو أن لا معلومات تعلن في شأنه ، وان ما يجري من مناوشات وتهديدات كلامية ان في البحر الاحمر او ضد القواعد الاميركية في العراق انما هي محكومة ليس فقط بسقوف معينة بل باليات معينة ايضا ولا تعكس حقيقة الامر بل هي مظاهر تتصل بما تتطلبه المرحلة المواكبة للحرب الاسرائيلية على غزة .بالنسبة الى مصادر سياسية متعددة، اصبح الجميع في مأزق ولا سيما “حزب الله” الذي لا تسلط الأضواء على مدى تأثير وضغط النازحين من قرى الجنوب عليه ولا تدمير القرى عدا عن سقوط الشهداء فيما يكثر الكلام على ضغط المستوطنين الاسرائيليين الذين هجروا القرى المقابلة للحدود اللبنانية على الحكومة الاسرائيلية.
 
والامر ينسحب على ما ذكره التقرير الاخير للبنك الدولي عن لبنان والذي ذكر فيه أن التصعيد في غزة سيتسبب بعودة الاقتصاد اللبناني إلى حالة الركود حيث تتزامن الأحداث في القطاع مع توتر كبير على الحدود الجنوبية للبنان بين “حزب الله” وإسرائيل.
 
وقال إنّ تداعيات الصراع الحالي أثرت على الانتعاش الطفيف الذي حققه لبنان الغارق في أزمة اقتصادية عميقة منذ سنوات، فهذا قد يكون تجنبه الحزب في التمديد لقائد الجيش بمعنى عدم مخاطرته في دفع لبنان الى الهاوية اكثر وهو سيكون في واجهة من دفع لبنان الى ذلك لا سيما عبر انخراطه في الحرب مع اسرائيل لنصرة غزة او منعا لانهاء حركة ” حماس” .
 
وقد ينطبق ذلك على التكهن ايجاباً في موضوع امكان تحرك الموضوع الرئاسي ايضا على خلفية ان ثمة ايجابيات في الموضوع الاقتصادي يخشى انه اهدرها او ساهم في اهدارها على نحو يترك مفاعيله على جميع اللبنانيين.على أي حال، عانى اللبنانيون كثيراً حتى الان من الامال الواهية والوعود الفارغة في انتظار ترجمة عملية تنقذ ماء وجه اركان السلطة كما انقذ وجودهم او حضورهم السياسي التمديد لقائد الجيش وكأنه تم احياء مجلس النواب الذي كان في موت سريري.