كتبت روزانا بو منصف في” النهار”:المنطقة تغلي واذا ذهبت الى اي حلول فمن غير المرجح ان ينجو لبنان من تبعاتها وليس ضرورة على نحو ايجابي. وهذا مصدر قلق ويجب ان يكون كذلك. ولا يجب ان تكون هناك اوهام من عدم ترك لبنان الى نفوذ الحزب او نفوذ ايران ربطا بالتجربة التي حصلت مع ادارة حركة ” حماس” لقطاع غزة وانعكاس ذلك على نفوذ ايران وعلى منع تسليم لبنان الى نفوذ الحزب . اذ سبق ان سلمت الولايات المتحدة بذلك حين لم تمانع بوصول ميشال عون الى الرئاسة في مقابل الاتفاق النووي مع ايران في 2015 ، كما سلمت ببقاء بشار الاسد ويمكن ان تسلم مجددا بكل ما سبق ربما على خلفية ضمانات ايرانية لامن اسرائيل طويلة الامد من الجنوب مماثلة للضمانات السورية لاسرائيل في الجولان الذي لم يشهد اطلاق رصاصة ضد اسرائيل طيلة 50 عاما . فاذا كانت الحرب الاسرائيلية ضد غزة راهنا يراد لها ان تكون اخر الحروب، فانه يجب عدم استبعاد كل السيناريوهات كذلك .
ثمة اعتقاد خاطىء بان لبنان يمكن ان يستعيد ازدهاره بمجرد نهوضه السياسي والاقتصادي فيما ان مراقبين كثر من النخب السياسية لم يعودوا يرون املا في استمرار تركيبة لبنان او صيغته التي بدأت تشهد تغييرات جذرية وعميقة على رغم التمسك ظاهريا بضرورة بقاء القديم على قدمه. فالتحولات العميقة التي تحصل بين الطوائف وتوازناتها وتوزعها ينذر يتغييرات كبيرة خصوصا على خلفية فراغ الموقع الرئاسي الاول والشروط المرتفعة من اجل تأمين انتخاب رئيس يخشى ان يكون في احسن الاحوال واجهة للقوى المتنفذة او يراد له ان يكون كذلك تحت طائلة افراغ الموقع من جوهره وقيمته وتأثيره .ومن الاقتناعات التي تجد طريقها الى هواجس المراقبين كذلك هو ترجيح بقاء النازحين السوريين وعدم مغادرتهم لبنان ما عدا ربما قلة منهم في حال وجدت سوريا طريقها الى حل في المدى المنظور ومطمئن للسوريين او لغالبيتهم ، وهذا لا يبدو في الافق المنظور مع ما يحمل ذلك من احتمالات تغيير في تركيبة لبنان وصيغته وتوازنه الديموغرافي وربما ايضا التأثير السياسي عليه في حال تم تمكين بشار الاسد مجددا في سوريا . ويسري ذلك في الوقت نفسه مع غياب الاقتناع بان اهل السلطة واحزابها يريدون ان يقيموا اي اصلاح في لبنان على اي مستوى كان . فلا امل اطلاقا ولا ثقة بان غالبية الاحزاب ولا سيما المؤثرة منها ترغب في انهاء لبنان عبر الاصلاح الاداري او الاقتصادي فيما ان السعي الى الرئاسة الاولى وابقاء الصيغ السياسية الممكنة او المقبولة هو من اجل ادامة واقع التوزع ” الميليشيوي” والحزبي الطائفي والمذهبي للحصص في الدولة ومراكزها ومواقعها على كل المستويات .تبعا لذلك بالكاد يعمل لبنان كدولة على مستوى كل مؤسساته فيما ان استقراره النسبي يبقى الامل الوحيد ابقاء او لاستمرار لبنان كدولة علما ان هذا الاستقرار قد يكون نقطة التقاء مصالح متعددة اكثر منه رغبة في بقاء لبنان الدولة وخوفا من ان الفوضى فيه مؤثرة سلبا وعلى نحو كارثي على محيطه من اسرائيل الى سوريا وصولا الى اوروبا . وذلك في الوقت الذي اظهر سياسيون قدرتهم على تفعيل مؤسساته كما في التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون وقائد الامن الداخلي اللواء محمود عثمان حفاظا على ستاتيكو الاستقرار ولو بضغط دولي واقليمي كبير