إغتيال العاروري يعيد لبنان الى نقطة الصفر

4 يناير 2024
إغتيال العاروري يعيد لبنان الى نقطة الصفر


تعمل القوى السياسية اللبنانية بحذر شديد بالتوازي مع استكمال المباحثات التي يريد البعض أن تطول لتمرير الوقت بانتظار تسوية كبرى أو حصول ضغوطات سياسية فعّالة تؤدّي الى إنجاز الملفّ الرئاسي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية  والذي يشكّل العقدة الأساسية في الأزمة السياسية اللبنانية. لكنّ كلّ المفاوضات لا تزال تحت السّقف المتوقّع في ظلّ استمرار اشتعال الجبهة على الحدود الجنوبية والتي تأخذ حيّزاً كبيراً من الأهمية في لبنان.

تقول مصادر أمنيّة مطّلعة بأن التطورات المُتسارعة المرتبطة بالوضع العسكري والأمني، سواء لجهة احتمال توسّع رقعة المعركة جنوباً او تمدّد شعاع الاستهدافات من قِبل طرفي المعركة في شمال فلسطين المُحتلّة وفي الجنوب، تسحب بساط الاستقرار من تحت القوى السياسية الأساسية المعنيّة بالتسوية، لذلك نجدُ أن المُماطلة سيّدة الموقف. وما زاد الطّين بلّة اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري .وتشير المصادر إلى أن عملية الاستهداف الاسرائيلي للعاروري في ضاحية بيروت الجنوبية جعلت من من المشهد السياسي أكثر تعقيداً مّمّا كان عليه على خلفية التطورات العسكرية في الجنوب، وذلك ليس خشية  من أن يؤدّي الاغتيال واختراق الخط الاحمر الذي فرضه أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصر الله الى تصعيد كبير، بل لأن القوى الاقليمية والدولية التي تسعى إلى حلّ الأزمة اللبنانية بات لديها أولوية قُصوى تتركّز حول لجم أي سيناريو للردّ العسكري من قِبل “الحزب” ضد اسرائيل وهذا، يعني تأخير التسوية السياسية اللبنانية وعرقلة الوصول إلى حلول لإنهاء الفراغ الرئاسي.حتى الأميركيين الذين كانوا يسعون للوصول الى تسوية تؤدّي الى تخفيف حدّة الاشتباكات بات هدفهم فقط عدم ربط عملية الاغتيال بخطوة ثأريّة يقوم بها “حزب الله” قد لا يتمكّن الاحتلال من احتوائها أو تمريرها، ولعلّ كل الاتصالات التي تكثّفت منذ لحظة الاغتيال ومن ضمنها الاتصال الهاتفي الذي تلقّاه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا التي نقلت هواجس بلادها حول الوضع في لبنان وغزّة والمنطقة، هي خير دليل على أن الدول الأساسية دخلت على خطّ منع الانفجار ولم يعد لديها أي حديث مرتبط بالملف الرئاسي أو بأسماء المرشحين المُحتملين أو حتى بالسلّة المتكاملة للتسوية.هذا المسار الديبلوماسي الذي وضع جانباً القضايا الدستورية اللبنانية بات الحاكم الأساسي لكل التفاصيل الداخلية، وباتت القوى السياسية في حالة ترقّب وانتظار لانتهاء التصعيد في لبنان بعد إقناع “حزب الله” بتجاوز قوّة الردّ وعدم الانجرار الى توسيع رقعة الحرب، ما سيجعل من تخفيف حدّة المعارك من عدمه مرتبطا بشكل كبير بالتطورات في قطاع غزة.وفي سياق متّصل، لفتت مصادر عسكرية مطّلعة الى أن اسرائيل أرادت استدراج “حزب الله” الى معركة واسعة من خلال اغتيال العاروري،سيّما وأن السيّد نصر الله كان قد حذر العدوّ في خطاب سابق من التجرّؤ على استهداف أي شخصية لبنانية أو فلسطينية على الأراضي اللبنانية، وبالتالي، وبحسب المصادر، لا تزال كل الاحتمالات مفتوحة لكيفية ردّ “الحزب” على عملية الاغتيال، لكنّ شكل الردّ وتوقيته يبقى رهناً بيد الحزب.