ضربة العاروري.. ثلاثة بواحد

6 يناير 2024
ضربة العاروري.. ثلاثة بواحد


لا ضيم بالقول أن إسرائيل وصلت إلى نشوة “الإفتخار المصطنع” أمام إعلامها وجمهورها، مع تصفية مهندس”طوفان الأقصى” الشيخ صالح العاروري في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، العدو الأكبر والأخطر بتاريخ إسرائيل.

Advertisement

3 رسائل عمدت إسرائيل إلى إيصالها بضربة واحدة وبوقت واحد.
أهم هذه الرسائل، هي أن القيادة الصهوينية أراحت قلوب الآلاف من الإسرائيليين، عبر “تمجيد” ضربة الضاحية، إذ إن الإستهداف طال مهندس أضخم عملية عكسية على الداخل الإسرائيلي، الرجل الثاني في حماس، هذا عدا عن عمليات الضفة التي كان يديرها من منفاه سواء في قطر، أو تركيا، أو سوريا، أو لبنان، المعقل الأساسي له.
وصحيح أن العاروري كان على رأس القائمة، إلا أنّ ما زاد اسرائيل نشوةً هو استهداف الرجل الظل، الذي كان مرافقًا للعاروري، ألا وهو عزام الأقرع، إذ إن الأقرع لا يقل “خطورة” عن العاروري، خاصةً وأن اسرائيل كانت تعمل على مطاردته منذ عدّة سنوات بهدف تصفيته، حيث إن عضو كتائب الشهيد عبدالله عزام كان له وزنه وثقله داخل الحركة، وهو ما دفع باسماعيل هنية إلى التعبير عن فقدانه بكلمة خاصة له.
 
ثاني الرسائل هي تهديد إسرائيل بقدرتها بالوصول إلى بيروت بأصغر طائراتها، ورسالة الطائرة المسيرة، بدل زرع عبوة ناسفة مثلا، هي من ضمن الأهداف المحددة التي قصدت إسرائيل أن تنفذ بها عمليتها حسب المحللين العسكريين، ومفاد ذلك، أن رسالة إسرائيل وتنفيذ تهديدها بالوصول إلى بيروت، وضربها قد نفّذته وأكّدت عليه، خاصةً وأن وزراءها لم يوفّروا فرصة إلا وهددوا بيروت بتسويتها كغزة.. هذا عدا عن الوصول السهل، لا وبل السلس حسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي دقّقت على عملية الإستهداف الناجحة، والدقيقة، من دون أن تحصل أي عراقيل.
 
وصولاً إلى ثالث هذه الرسائل ألا وهي حزب الله، والضرب بالعمق الإستراتيجي. فحسب المحللين، فإن إسرائيل كانت على دراية وبشكل واضح بتحركات العاروري الدولية، وإن كان ذلك مقتصرًا على فترة محدودة تسبق عملية الإستهداف، إلا أن القضاء على رجل حماس الثاني، بقلب معقل حزب الله اعتبرته اسرائيل انتصارًا معنويًا، لها، ولإعلامها ولجيشها، خاصةً وأن عملية الإستهداف بمنطقة حزب الله لم تكن للحزب أبدًا، على الرغم من الجبهة الجنوبية المشتعلة، إلا أن إطفاء فورة إسرائيل بضرب معقل للحزب من دون أن يؤدي ذلك إلى أي حرب، قدّمه العاروري لقيادة العدو على طبق من فضة، لتنجح إسرائيل باستهدافه، متخطية إصابة أي مدني، بضربة هي الأولى منذ عام 2006 على بيروت.
 
من هنا، استطاع العدو أن يحشر الحزب، لا بل أن يحرجه، فويل من ردٍ عنيف قد يفجر الجبهة لتصبح الجبهة اللبنانية بأكملها معنية، وويل من سكوتٍ وعدم ردّ على هذه العملية، خاصةً وأن عملية الإستهداف وحقّقت نتائجها.
 
على العموم، خلص السيّد حسن نصرالله برسائل واضحة في خطابه الاخير، وعلى قاعدة شاذة عن المعهود لن يكون الرد بالمكان أو الزمان المناسبين، حيث تُرك الأمر للميدان، وهذا ما من شأنه أن يوتّر الإسرائيلي أكثر، خاصةً وأن عملية الرد حسب المتوقع ستكون ضمن قواعد الإشتباك، إذ لا قدرة لحزب الله اليوم على إدخال البلاد بدوامة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل جديّ وكبير.