هوكشتاين مصمّم على إنجازٍ برّي كالبحري… وهذا ما سمعه منه المسؤولون

14 يناير 2024
هوكشتاين مصمّم على إنجازٍ برّي كالبحري… وهذا ما سمعه منه المسؤولون

ماذا حمل معه الموفد الأميركي آموس هوكشتاين هذه المرّة، أو بالأحرى يجب أن يُطرح السؤال في شكل معاكس، أي ما الذي لم يحمله معه في زيارة كان يعتقد البعض أنها لن تحصل. كثرٌ من اللبنانيين كانوا يفضّلون لو أن “مهندس” اتفاق الترسيم البحري، الذي لم يأتِ مباشرة مع إسرائيل إلى لبنان لأسباب عديدة، كان لديه من الاقتراحات ما يطمئنهم إلى أن الحرب القائمة في الجنوب لن تمتدّ إلى كل شبر من الأراضي اللبنانية، أو لو أنه حمل أجوبة عن أسئلة كثيرة بقيت من دون جواب، وقد يكون على رأس هذه الأسئلة: هل ستوقف إسرائيل حربها على غزة ومتى؟ وهل في استطاعة واشنطن الضغط على تل أبيب لكي توقف هذه الحرب، التي لا بدّ من أن تنتهي في يوم من الأيام، من دون أن يعني ذلك أن إسرائيل قد استطاعت أن تحقّق كامل الأهداف التي أعلنت عنها في بداية حربها، وأبرزها القضاء على حركة “حماس”؟ 

 
كان في استطاعة هوكشتاين، الذي لم يسمع من الذين التقاهم في تل أبيب ما يدعو إلى الارتياح، ألا يأتي إلى لبنان، وذلك لكي لا يزيد على قلبهم، لأن ما فيهم مكّفيهم، لكنه أصرّ على المجيء. وهذا ما كان يفعله قبل التوصّل إلى اتفاق نهائي على ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، خصوصًا أن مهمته لم تكن سهلة، بل تطلبت الكثير من المفاوضات غير المباشرة، التي قادها بين بيروت وتل أبيب حتى قّيّض له ما أرادته واشنطن، التي وضعت كل ثقلها من أجل التوصّل إلى هذا الاتفاق، التي لا تزال تعتقد أنه كان مهمًّا كثيرًا من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة، الذي تهاوى عند أول امتحان في 7 تشرين الأول الماضي. 
 
 
لكن هوكشتاين الذي قَبِل هذه المهمة التي كلف بها الرئيس الأميركي جو بايدن شخصيًا يعرف تمام المعرفة أن هذه المهمة هي أكثر من شاقة، ولأنها كذلك قَبِلها. فما بين إسرائيل وحركة “حماس” و”حزب الله” من خلافات جذرية وعميقة لا يمكن أن يُحلّ بكبسة زرّ. هذا ما يعيه جيدًا “مهندس تدوير الزوايا” الأميركي، الذي يتحرّك على “نار هادئة” تمامًا كما تحرّك في السابق، حيث راهن وقتها على الواقعين الجغرافي والسياسي تمهيدًا لإحداث الخرق، الذي تبلور اتفاقًا بين دولتين لا يجمع بينهما تاريخيًا سوى اتفاق هدنة أسقطته إسرائيل بفعل اعتداءاتها المتواصلة.  
 
وما شجّع هوكشتاين على العودة إلى لبنان ما بلغه من أصداء الحكومة اللبنانية بالنسبة إلى رغبتها في استئناف المحادثات بشأن تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، بالتزامن مع ما لمسه بالتواتر عن رغبة لا تزال خجولة على ضرورة تغيير شيء ما على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، على رغم أن تظهير صورة ما يمكن التوصّل إليه لا تزال ضبابية بفعل دخان المعارك سواء في غزة أو في جنوب لبنان الذي يشوش الرؤية الواضحة النهائية. 
 
وعلى رغم ضراوة الحرب المحدودة في الجنوب،فإن احتمالات تحقيق أي اختراق ديبلوماسي في محادثات الحدود بين لبنان وإسرائيل على ضآلتها لا تزال واردة، ولكن في ما يشبه السباق مع الزمن. وهذا ما يعمل عليه هوكشتاين، ولكن بوتيرة حذرة، في الوقت الذي يشكّك فيه كثيرون بإمكانية الوصول إلى تسوية ما جنوبية – شمالية قبل وقف مدافع غزة. 
 
فهل يقبل “حزب الله” مثلًا الدخول في مفاوضات في الوقت الذي يبدو فيه واثقًا من تحقيق خطوات متقدمة عسكريًا ما لا تستطيع أن تقدّمه “الديبلوماسية الناعمة” في ضوء ما سبق أن أعلنه أمينه العام السيد حسن نصرالله من أن هناك “فرصة تاريخية للتحرير الكامل لكل أراضينا ووضع معادلة تمنع العدو من انتهاك سيادتنا”؟