كتبت غادة حلاوي في” نداء الوطن”: استناداً إلى رسائل الموفدين النشطين على خط لبنان، فإنّ الملف الرئاسي تراجع ولم يعد مدرجاً على جدول أعمالهم مقابل أولوية ضمان الأمن على الحدود الشمالية لإسرائيل والتي كان آخرها ما حمله الموفد الأميركي آموس هوكشتاين من إقتراح لوقف النار فكان الجواب جازماً أنّ تنفيذ هذا المطلب مرتبط بوقف الحرب على غزة، فكيف اذا كان الموضوع متصلاً برئاسة الجمهورية التي لم يعد ذكرها وارداً الا في كواليس المسؤولين واجتماعاتهم الداخلية وعلى سبيل الدردشة واستعراض الوضع من وجهته المسيحية ومحاولات من هنا وهناك لفتح الأبواب المغلقة بين رؤساء الأحزاب والكتل النيابية. لكنها حركة هادئة وبطيئة لا يُبنى عليها. حتى كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري الأخير لم يأت في سياق مستجد بل مجرد رسالة لمن يعنيهم الأمر.
فسّر كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري من أن لا مرشح الا سليمان فرنجية على أنّه بمثابة صد الأبواب تجاه ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون الذي لا يزال اسمه متداولاً لدى بعض الوسطاء الإقليميين لكنه خيار مستبعد في حسابات بعض الفاعلين في الملف على اعتبار أنّ قائد الجيش نال نصيبه من التمديد فيما للرئاسة حسابات أخرى أهمها الحاجة إلى تعديل دستور غير متفق عليه. في رأي أصحاب وجهة النظر هذه أنّ جلسة التمديد بعد التفكير بروية وهدوء لا يمكن أن تشكل بداية مسار لقائد الجيش باتجاه بعبدا، فالحضور من النواب وإن كان كبيراً إلّا أنّ التصويت لا يمكن أن يشكل مؤشراً لتعديل دستوري لصالح قائد الجيش لأنّ خطوة كهذه لها حساباتها واعتباراتها حتى لدى «حزب الله» الذي لا يزال متمسكاً بترشيح فرنجية كما شريكه في الثنائية، إلى أن يختار بنفسه الإنسحاب وحينها سيكون الإتجاه في التفكير نحو خيار ثالث.
المراقبون المتابعون لدقائق الأمور يعتبرون أنه مهما بلغت درجة التسويات الخارجية، فإن لم تتوافر العوامل الداخلية للتوافق فلا رئيس، وعلى ما يبدو لغاية اليوم، لا يوجد ضوء أخضر لفرنجية من الكتل المسيحية الكبرى، أضف إلى ذلك أنّ النائب السابق وليد جنبلاط يشترط موافقة احدى الكتلتين المسيحيتين على أي مرشح وهو قال إن لا خلاف بينه وبين فرنجية ليعارض ترشيحه سوى أنّه لا يحظى بدعم مسيحي لانتخابه. وبالتالي فإنّ المناسبة التي جمعت الشخصيتين بقوة دفع من صديق مشترك لم تشكل محطة مفصلية رئاسياً، لوجود قناعة أن أي مرشح وإن انتخب بغالبية 65 صوتاً بلا دعم كتلة مسيحية أساسية فلن يتمكن من الحكم، وقد كانت ولاية الرئيس ميشال عون خير برهان على ذلك. عاملان أساسيان في انتخاب فرنجية يدركهما الثنائي هما الدعم المسيحي ودعم المملكة السعودية ومن دونهما لا رئيس، ولهذا فإنّ البحث الرئاسي سيبقى من باب التكهنات سواء تم تبرير ذلك بربطه بحرب غزة أم لا. وكما هو واضح فقد تحولت غزة إلى شماعة لتأجيل الإستحقاقات المهمة بينما العقد الداخلية لا تزال على حالها.