يبدو أن الانتخابات الرئاسية في لبنان باتت مؤجّلة إلى أمد غير محسوم، ورغم كل المساعي الدولية التي تركّز على إيجاد حلّ سريع وتحديداً المبادرة القطرية المغطّاة أميركيًا والمبادرة الفرنسية الساعية إلى إيصال رئيس جديد للبنان ترضى عنه كل الأطراف. لكن هناك أسباب موجبة تشكّل مؤشراً واضحاً الى أن التفاهم حول الملفّ الرئاسي لا يزال معقّداً.
تقول مصادر سياسية مطّلعة أن القوى الاقليمية والدولية ترغب بإبرام تسوية قريبة في لبنان بهدف منع ربط الاستحقاقات الداخلية بنتائج الحرب على قطاع غزّة ومعارك الإسناد على الجبهة الجنوبية للبنان من جهة، والتسوية التي ستكون مرتبطة بمسألة الحدود ووقف اطلاق النار من جهة أخرى. وبالتالي فهناك مصلحة لدى هذه الدول بفصل المسارين.هذه المصلحة تأتي بسبب إمكان تقدّم “حزب الله” بالنقاط، وفرضه تسوية داخلية لمصلحته بالكامل في مقابل بعض التنازلات التي قد يقدّمها في الملفّ الحدودي وعملية وقف إطلاق النار، وهذا ما يدفع إلى إيجاد حلّ قريب بين كل الأفرقاء. لكن رغبة الخماسية الدولية بإيجاد تسوية لا تتطابق مع رغبة “حزب الله” الذي بات اليوم غير مستعجل لإتمام التسوية الرئاسية، وغير مهتمّ بأي حوار داخلي قبل انتهاء المعركة الخارجية، ولديه أسباب أساسية تدفعه لهذه الاستراتيجية.السّبب الأول أن “الحزب” بات لديه حجّة سياسية وإعلامية يقنع بها بيئته والبيئة المتحالفة معه بأنه لن يرضى بأي رئيس للجمهورية لا يؤمّن له الغطاء الرسمي ويحمي ظهره، أو بمعنى أدقّ << لا يطعنه>> وفقاً للتعبير الذي استخدمه “الحزب” مع بداية المعركة الرئاسية، خصوصاً أن احتمالات الحرب لا تزال عالية، وبالتالي فهو لا يجد نفسه مستعجلاً لإبرام التسوية الرئاسية الا إذا كانت تصبّ في مصلحة مرشّحه بشكل كامل من دون أي نقاش حول بنود أخرى مرتبطة بالتعيينات.أما السبب الثاني فهو قراءة “حزب الله” للمشهد الاقليمي الذي يعتقد أنه سيكون لصالحه في المراحل المقبلة، ما يعني أن الوقت والمعركة ونتائجها ستكون لمصلحة الحزب، وستمكّنه من فرض شروطه داخلياً وحتى على مستوى المنطقة، وبالتالي فهو غير مستعجل على الاطلاق لتقديم تنازلات وخسارة بعض المكتسبات السياسية لإدراكه أن بإمكانه الحصول عليها كاملة ربطاً بنتائج الميدان وبعد وقف اطلاق النار.