يبدو لافتاً التقارب بين النائب السابق وليد جنبلاط، ورئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة، المرشّح الوحيد لـ”الثنائيّ الشيعيّ”، فقد التقى الرجلان يوم الإثنين، رغم التباين بينهما في الملف الرئاسيّ، وفي الكثير من المواضيع السياسيّة. ونُقِلَ عن مصادر كليمنصو، إضافة إلى بنشعي، أنّه تمّ التطرّق في الإجتماع إلى ملف رئاسة الأركان في الجيش، الذي لا يزال معلّقاً، ريثما يتأمّن التوافق السياسيّ عليه، وخصوصاً وأنّ هناك بعض الأفرقاء، أبرزهم “التيّار الوطنيّ الحرّ”، يُعارضون طرح موضوع التعيينات في جلسات مجلس الوزراء.
Advertisement
وأبعد من مناقشة تعيين رئيس للأركان، ذهب البعض إلى البناء على هذا التقارب بين جنبلاط وفرنجيّة مستقبلاً، واعتبروا أنّ اللقاء بينهما جيّد، ويُمكن أنّ ينال رئيس “المردة” تأييد نواب “اللقاء الديمقراطيّ” في الإستحقاق الرئاسيّ. لكن، يقول مراقبون، إنّه بغياب تسويّة دوليّة، تُنهي الحرب في غزة وفي جنوب لبنان، مقابل دعم مرشّح “حزب الله”، أو بتوجّه الدول الخمس المعنيّة بالملف اللبنانيّ إلى الوقوف خلف فرنجيّة، أو بتوافقٍ داخليّ عليه، لا يُمكن للحزب “التقدميّ الإشتراكيّ” أنّ يُعطي أصوات نوابه ل”بيك بنشعي”.
وصحيحٌ أنّ هناك ملفات ومصالح تجمع جنبلاط بفرنجيّة، غير أنّ هناك قناعة لدى رئيس “التقدميّ” السابق، بإبعاد الأسماء الإستفزازيّة عن رئاسة الجمهوريّة، كيّ لا يتكرّر سيناريو ميشال عون، الذي أقصى شخصيّات سياسيّة رئيسيّة خلال عهده. ويُشير المراقبون إلى أنّ جنبلاط لا يستطيع أيضاً أنّ يفرض مع مكوّنات غير مسيحيّة في البلاد، رئيساً على حلفائه أو خصومه المسيحيين.
وفي هذا السياق، يعتبر المراقبون أنّه حين رشّح جنبلاط من تلقاء نفسه النائب السابق هنري حلو، بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، لم يحصل على أيّ تأييد من خارج كتلة “اللقاء الديمقراطيّ”، ورأى المسيحيّون حينها أنّه يُريد التحكّم برئاسة الجمهوريّة، عبر إستبعاد أسماء الصفّ الأوّل في وقتها، كسمير جعجع وميشال عون، اللذين كانا المرشّحين الوحيدين الجدّيين على الورق.
وبعد هذه المُحاولة، وبعد انتهاء عهد ميشال عون، يُركّز جنبلاط على تلاقي الكتل المسيحيّة في ما بينها، أقلّه “القوّات” و”الكتائب”، للسير بالمرشّح الذين يُؤيّدانه، وهذا ما تجلّى بعد ترشيحهما رئيس “حركة الإستقلال” النائب ميشال معوّض، أو وزير الماليّة السابق جهاد أزعور، أو من خلال طرح جنبلاط لأسماء وسطيّة، مثل قائد الجيش.
وبدأ بعد الحرب في غزة، يظهر لدى الفريق “الممانع” في لبنان، قناعة بأنّ إنتصار حركة “حماس” و”حزب الله” والحوثيين يصبّ لصالح فرنجيّة، وسيُعزّز حظوظ مرشّح “الثنائيّ الشيعيّ”، ما يدفع جنبلاط إلى تأييده، للسير مع التيّار المُقاوم في المنطقة.
وفي هذا الإطار، أبدت أوساط نيابيّة في فريق الثامن من آذار إرتياحها الى لقاء كليمنصو، وأشارت إلى أنّه يُمكن التعويل عليه لكسر الجليد بين بعض الأفرقاء، بهدف التوصّل لمقاربات وحلول بشأنّ الملفّات المهمّة، مثل رئاسة الأركان في الجيش، وأيضاً، الإنتخابات الرئاسيّة. وأضافت الأوساط أنّ جنبلاط كان ولا يزال دائماً مع تلاقي الجميع، ومن دون تغريد أحد الأفرقاء خارج سرب الحلف الذي ينتمي إليه، لن تُنجز إنتخابات الرئاسة، وستظلّ البلاد في مُراوحة سياسيّة قاتلة. ودعت الأوساط جنبلاط إلى مُجاراة ما يحدث في المنطقة، لأنّ هناك طرفاً سينتصر على الآخر، وهناك تبدّلات في الشرق الأوسط.
ويقول المراقبون إنّ الخارج فشل في بلورة موقف موحدٍّ تجاه الأزمة اللبنانيّة، وبعد إجتماع جنبلاط بفرنجيّة، كلّ الأمور مفتوحة لجهّة تذليل العقبات الرئاسيّة والتوافق، أو إبقاء الأوضاع على ما هي عليه، ويُشيرون إلى أنّ الحلّ لا يُمكن إلّا وأنّ يكون داخليّاً، لأنّ الدول الخمس فشلت رئاسيّاً، وقد لا تتمكّن بعد الحرب في غزة من فتح ثغرة في الملف الرئاسيّ، لتمسّك كلّ طرفٍ محليّ بموقفه، وبمرشّحه.